للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفى الحديث ما يؤيد المعانى السابقة، كقوله صلى الله عليه وسلم "أصيحابى" بالتصغير، كما جاء فى بعض الروايات، قال الخطابى: "فيه إشارة إلى قلة عدد من وقع لهم ذلك، وإنما وقع لبعض جفاة الأعراب، ولم يقع من أحد من الصحابة المشهورين " (١) . وفى قوله صلى الله عليه وسلم: "فيقال": هل شعرت ما عملوا بعدك " "فيه إشارة إلى أنه لم يعرف أشخاصهم بأعيانها، وإن كان قد عرف إنهم من هذه الأمة " (٢) .

أما حمل الحديث على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمعنى الإصطلاحى- فهذا ما لا يقوله مسلم!! وهو ما يدحضه ما سبق ذكره من تعديل الله عز وجل، ورسوله صلى الله عليه وسلم، وإجماع الأمة على ذلك أ. هـ.

ثانياً: أما ما احتجوا به من حديث " لا ترجعوا بعدى كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض " والزعم بأن الصحابة استحل بعضهم دماء بعض فى صفين والجمل.

... فالحق أن هذه الشبهة من أخطر الشبه؛ التى احتج بها الرافضة الزنادقة، وأذيالهم من دعاة العلمانية، الذين اتخذوا من تلك الفتن مادة دسمة، طعنوا بها فى عدالة الصحابة، وفتنوا بذلك عوام المسلمين، وممن لا علم له، بضربهم على (الوتر الحساس) وهو: دعوى ظلم الصحابة رضي الله عنهم لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى تلك الفتن ".

وهذا ما فعله طه حسين فى كتابه " الفتنة الكبرى - عثمان بن عفان رضي الله عنه " (٣) . وقال بقوله محمود أبو رية (٤) ، وغير واحد من دعاة الرافضة واللادينية (٥) .


(١) ينظر: فتح البارى ٨/١٣٥،١٣٦ رقم ٤٦٢٥، وينظر: تأويل مختلف الحديث ص ٢١٣-٢١٥.
(٢) فتح البارى ١١/٤٨٤ رقم ٦٥٩٣، ومختصر التحفة الإثنى عشرية ص ٢٧٣.
(٣) ينظر: الفتنة الكبرى ص ١٧٠ - ١٧٣.
(٤) ينظر: أضواء على السنة ص ٣٦٠ - ٣٦٢.
(٥) ينظر: دين السلطان لنيازى عز الدين ص ٣٤، ١٠٣، ١١٠، ١٢٤، ٧٩٥، والسلطة فى الإسلام لعبد الجواد ياسين ص ٢٦٠ وما بعدها.

<<  <   >  >>