للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذ كيف يسمح صلى الله عليه وسلم بكتابة شئ منسوخ تلاوة بجوار القرآن الكريم، وقد نهي صلى الله عليه وسلم عن كتابة أي شئ بجوار كلام الله عز وجل (١) في صحيفة واحدة لئلا يلتبس على من بعده، هل هو من القرآن أم لا! . (٢)

وليس أدل على ذلك في مسألتنا هذه من قول الصحابي الجليل بن عباس رضي الله عنه بعدما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لو أن لابن آدم ملء واد مالاً لأحب أن له إليه مثله؛ ولا يملأ عين بن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب))

قال: ابن عباس فلا أدري أهو من القرآن أم لا! (٣) .

فخشية هذا الإلتباس تحمل كراهته صلى الله عليه وسلم كتابة آية الرجم، ولو كانت آية الرجم بنص تلاوتها، كما أنزلت أولاً، ولم تُنْسَيَ، ولو كان صلى الله عليه وسلم مأموراً بكتابتها، لأمر بكتابتها شأنها شأن آيات الحدود الأخرى.


(١) فعن أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لاتكتبوعنى، ومن كتب عنى غير القرآن فليمحه، وحدثوا عنى ولاحرج، ومن كذب على متعمداَ فليتبوأ مقعده من النار)) أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الزهد
، باب التثبت فى الحديث، وحكم كتابة العلم ٩/٣٥٦ رقم ٣٠٠٤.
(٤) وكان هذا النهى النبوى فى أول الأمر مخافة َعلى كتاب الله عز وجل، وصيانة عن خلطه بالسنة الشريفة، التى كانوا يكتبونها بجوار القرآن فى صحيفة واحدة مما قد يلتبس على ممن كانوا حديثى عهد بالإسلام ولم يعتادوا على أسلوبه، وأكثرهم من الأعراب الذين لم يكونوا فقهوا فى الدين! وتأكيداَ لعلة النهى هذه. ينظر: السنة النبوية فى كتابات أعداء الإسلام للمؤلف ١/ ٢٨٨ طبعة دار اليقين بالمنصورة
(٣) أخرجه البخاري (بشرح فتح الباري) كتاب الرقاق، باب ما يتقي من فتنة المال ١١/٢٥٨ رقم ٦٤٣٧.

<<  <   >  >>