للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سابع عشر: التحلي بالشجاعة، والفهم الصحيح لمعناها:

فالشجاعة فضيلة عظيمة، وخصلة من خصال الخير عالية.

وهي من أعظم ما ينهض بالأفراد والأمم؛ فالشجاع ينفر من العار، ويأبى احتمال الضيم.

والأمة لا تحوز مكانة يهابها خصومها، وتَقرُّ بِها عين حلفائها إلا أن تكون عزيزة الجانب، صلبة القناة.

وعزة الجانب، وصلابة القناة لا ينزلان إلا حيث تكون قوة الجأش، والاستهانة بملاقاة المكاره، وذلك ما يسمى شجاعة (١) والشجاعة لا تقتصر على الإقدام في ميادين الوغى، بل هي أعم من ذلك؛ فتشمل الشجاعة الأدبية في التعبير عن الرأي، وبالصدع بالحق، وبالاعتراف بالخطأ، وبالرجوع إلى الصواب إذا تبين.

بل وتكون بالسكوت أحياناً، قال الشيخ محمد البشير الإبراهيمي -رحمه الله-: ولأنْ يسكت العاقل مختاراً في وقتٍ يحسن السكوت فيه خيرٌ من أن ينطق مختاراً في وقت لا يحسن الكلام فيه، وكلُّ نطْقةٍ تمليها الظروف لا الضمائر تثمر سكتة عن الحق ما من ذلك من بد (٢) .

وليس من شرط الشجاعة ألا يجد الرجل في نفسه الخوف جملة من الهلاك، أو الإقدام، أو نحو ذلك؛ فذلك شعور يجده كل أحد من نفسه إذا هو هم بعمل كبير أو جديد.


(١) انظر رسائل الإصلاح للشيخ محمد الخضر حسين ١ / ٧٧.
(٢) عيون البصائر ص١٧.

<<  <   >  >>