للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- أن صلاة الخوف شرعت في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - مع ما فيها من أعمال كثيرة منافية للصلاة لحاجة الناس إلى استدراك فضيلة الصلاة معه - صلى الله عليه وسلم - وهذا المعنى منعدم بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - فتصلي كل طائفة بإمام (١) .

ونوقش هذا: بأن ترك المشي في الصلاة وترك استدبار القبلة فريضة والصلاة خلفه - صلى الله عليه وسلم - فضيلة، فلا يجوز ترك الفريضة لإحراز الفضيلة، ثم الحاجة موجودة بعده - صلى الله عليه وسلم - لتكثير الجماعة فكلما كانت الجماعة أكثر كانت أفضل (٢) .

٣- أن صلاة الخوف كانت ثم نسخت في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - والدليل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فاتته صلوات يوم الخندق ولو كانت صلاة الخوف جائزة لفعلها ولم يفوت الصلاة (٣) .

ونوقش هذا الاستدلال: بأن دعوى النسخ لا تثبت إلا إذا علمنا تقدم المنسوخ وتعذر الجمع بين الأدلة، ولم يوجد هنا شيء من ذلك، بل المنقول المشهور أن صلاة الخوف نزلت بعد الخندق فكيف ينسخ به (٤) .

الترجيح

بعد عرض الأقوال والأدلة والمناقشة تبين أن الراجح قول الجمهور أن صلاة الخوف مشروعة بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ما شاء الله - صلى الله عليه وسلم - لإجماع الصحابة على فعلها بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولزوم تأسينا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في أقواله وأفعاله ما لم يرد دليل على أنه خصوصا للنبي - صلى الله عليه وسلم - والحاجة إلى فعلها لوجود الخوف والله أعلم.


(١) المبسوط (٢/٤٥) وحاشية ابن عابدين (٣/٧٤) وبدائع الصنائع (١/٥٥٥) .
(٢) المبسوط (٢/٦٤) والبناية على الهداية (٣/١٩٤) وبدائع الصنائع (١/٥٥٥) .
(٣) المجموع للنووي (٤/٢٨٩) ومغنى المحتاج (١/٥٧٤) وروضة الطالبين (٢/٤٩) .
(٤) المراجع السابقة في هامش (٢) والذخيرة للقرافي (٢/٤٣٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>