للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لقد هممت) ولم يفعل ولو كان واجبا ما تركه (١) .

والجواب على الوجه الأول: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقيل المنافقين في الأمور الباطنة، أما ما ظهر منهم من ترك واجب أو فعل محرم فإنه يعاقبهم عليه، فلولا أن في ذلك ترك واجب لما حرقهم ثم إنه رتب العقوبة على ترك شهود الصلاة فيجب ربط الحكم بالسبب الذي ذكره (٢) .

أما الوجه الثاني: فإنه تركهم، لأنه يجوز ترك الواجب لما هو أوجب منه (٣) وربما أنه كان في البيوت أطفال ونساء ممن لا تجب عليهم صلاة الجماعة، فترك ذلك من أجلهم، قال الشيخ ابن عثيمين: الذي منعه، أنه لا يعاقب بالنار إلا الله سبحانه وتعالى (٤) .

الترجيح

الذي يظهر لي مما تقدم في حكم صلاة الجماعة أنها فرض عين لما سبق من الأدلة الدالة على وجوبها على الأعيان، ولمواظبة النبي - صلى الله عليه وسلم - عليها حتى في حالات قتال الأعداء وشدة الخوف، ثم لو كانت سنة لما توعد تاركها بالعقاب، ولو كانت فرض كفاية لكانت قائمة بالرسول - صلى الله عليه وسلم - وبمن صلى معه، فتعين أنها فرض عين وليست شرطا في صحة الصلاة، كما ذهب إليه بعض الحنابلة، وابن حزم، وغيرهم لما سبق من أحاديث المفاضلة التي تدل على صحة صلاة الفرد بدون عذر، وقياسهم الشروط على


(١) المجموع للنووي (٤/٨٨) .
(٢) مجموع الفتاوى (٢٣/٢٢٩) .
(٣) شرح الزرقاني على موطأ مالك (١/٣٨١) .
(٤) الشرح الممتع (٤/١٩١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>