للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم اختلف أصحاب هذا القول في مقدار المدة التي إذا نوى المسافر إقامتها انقطع عنه حكم السفر إلى أقوال:

فذهب الحنفية إلى أن المسافر إذا نوى الإقامة خمسة عشر يوما فأكثر انقطع حكم سفره، وعلى هذا لا يجوز له قصر الصلاة، ولا الأخذ بأحكام السفر الأخرى (١) لكنهم شرطوا أن يكون المكان الذي أقام فيه المسافر صالحا للإقامة، وعلى هذا الشرط لا يصح عندهم أن تكون السفن مكانا صالحا للإقامة، لأن السفن ليست موضعا صالحا للقرار في الأصل.

وعلى هذا يجوز لمن كانوا على السفن أن يأخذوا بأحكام السفر ومن ذلك قصر الصلاة وإن نووا الإقامة (٢) . ولا دليل على هذا التفريق.

وذهب المالكية (٣) والشافعية (٤) ورواية عند الحنابلة (٥) إلى أن المسافر إذا نوى إقامة أربعة أيام فأكثر أتم صلاته ولم يجز له القصر، ولا فرق بين الإقامة في البر أو البحر. واستدلوا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص للمهاجرين في الإقامة بمكة بعد قضاء النسك ثلاثة أيام، بعد أن كان محرما عليهم.

عن علاء بن الحضرمي - رضي الله عنه - (٦) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «ثلاث للمهاجر بعد الصدر» (٧) .


(١) بدائع الصنائع (١/٢٦٨) والاختيار للموصلي (١/٧٩) .
(٢) بدائع الصنائع (١/٢٧١) وتحفة الفقهاء (١/١٥١) .
(٣) المدونة (١/١١٩) وبلغه السالك (١/١٧٢)
(٤) المجموع (٤/٢٤١) والأم (١/١٨٦) .
(٥) المغني لابن قدامة (٣/١٤٨) والإنصاف (٢/٣٢٩) .
(٦) هو: العلاء بن الحضرمي واسم الحضرمي عبد الله وقيل: غير ذلك بن عباد بن أكبر بن ربيعة الحضرمي، وهو من حضرموت، ولاه النبي - صلى الله عليه وسلم - البحرين، وأقره أبو بكر في خلافته عليها، ثم عمر، يقال: أنه كان مجاب الدعوة، توفي سنة ١٤ هـ وقيل سنة ٢١ هـ انظر: أسد الغابة (٣/٥٧١) ت رقم (٣٧٣٩) الإصابة (٤/٤٤٥) ت رقم (٥٦٥٨) .
(٧) صحيح البخاري مع الفتح، كتاب مناقب الأنصار، باب إقامة المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه، ح (٣٩٣٣) وصحيح مسلم بشرح النووي كتاب الحج، باب جواز الإقامة بمكة للمهاجر ح (١٣٥٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>