للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه الدلالة: أن الحديثين صحيحان صريحان في أن شهداء أحد لم يغسلوا، ولا سيما أن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - كان حاضر المعركة، فهو يخبر بما رأي، وهكذا سائر الشهداء في ميدان المعركة مع العدو لا يغسلوا.

وذهب الحسن البصري (١) وسعيد بن المسيب إلى أنه يغسل (٢) .

وعللوا لقولهم بما يلي (٣) .

١- أن الغسل سنة الموتى من بني آدم.

٢- أن غسل الميت تطهير له حتى يجوز الصلاة عليه بعد غسله.

وقال في عدم غسل شهداء أحد: أن الجراحات فشت في الصحابة في ذلك اليوم، وكان يشق عليهم حمل الماء إلى المدينة (٤) .

ونوقش هذا بما يلي:

١- أما التعليلات المذكورة، فتردها السنة الصحيحة في ترك غسلهم (٥) .

٢- وأما قولهم إن الجراحات كثرت في الصحابة وشق عليهم حمل الماء من المدينة ليغسلوهم، فإنه لو كان ترك غسلهم للتعذر، لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ييمموا بالتراب، ولكنه لم يأمرهم.

وكذلك لم يعذرهم في ترك الدفن، والمشقة في حفر القبور أعظم منها في الغسل (٦) .


(١) هو: الحسن بن يسار البصري، أبوه مولى زيد بن ثابت، وأمه خيرة مولاهم أم سلمة أم المؤمنين، ولد الحسن لسنتين بقيتا من خلافة عمر، كان سيد أهل زمانه علما وعملا، توفي سنة ١١٠ هـ بالبصرة. انظر: سير أعلام النبلاء (٤/٥٦٣) ت رقم (٢٢٣) وطبقات ابن سعد (٧/١٥٦) .
(٢) المجموع (٥/٢٢٥) والمبسوط (٢/٤٥) ونيل الأوطار (٤/٢٩) .
(٣) المبسوط (٢/٤٩) ونيل الأوطار (٤/٢٩) .
(٤) المرجعان السابقان في هامش رقم (٣) .
(٥) شرح سنن أبي داود لابن القيم بحاشية عون المعبود (٨/٢٨٥) .
(٦) المبسوط (٢/٤٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>