للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستدلوا بما جاء في الصحيحين من حديث طويل عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لمعاذ (١) : (.. فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم) (٢) .

وجه الدلالة: أن الزكاة تؤخذ من الأغنياء وتعطى الفقراء، فلا يجوز أن تؤخذ من الأغنياء وتعطى الأغنياء.

ويمكن مناقشة هذا الاستدلال: بأن دلالة الحديث عامة واستثني الغازي في سبيل الله من هذا العموم بحديث عطاء بن يسار رحمه الله فلا تعارض بين الأدلة.

والذي يظهر أن ما ذهب إليه الجمهور من أنه يعطي المجاهد من الزكاة وإن كان غنيا هو الراجح لحديث عطاء بن يسار، ولأن في ذلك إعانة لهم على الغزو، وتشجيعا لهم على الاستمرار في الجهاد والله أعلم.

إذا تقرر أن المجاهد يأخذ من الزكاة، فما مقدار ما يأخذه؟

يعطى المجاهد في سبيل الله من الزكاة ما يكفيه في غزوه من الدواب والسلاح والنفقة والكسوة مدة الذهاب والرجوع والمقام في أرض العدو، أو في الثغور وإن طال المقام (٣) وهذا العطاء يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة وتغير الأحوال وباختلاف المجاهدين، فالتقدير يرجع إلى ولي الأمر، يعطيه ما يناسب حاله والله أعلم.


(١) هو: معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس، الأنصاري الخزرجي يكني أبا عبد الرحمن شهد العقبة وبدرا وأحدا والمشاهد كلها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أعلم الأمة بالحلال والحرام بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن قاضيا ومعلما، توفي في طاعون عمواس بالشام سنة ١٨ هـ. انظر: أسد الغابة (٤/٤١٨) ت رقم (٤٩٥٣) وطبقات ابن سعد (٣/٥٨٣) .
(٢) صحيح البخاري مع الفتح، كتاب الزكاة، باب أخذ الصدقة من الأغنياء، ح رقم (١٤٩٦) وصحيح مسلم بشرح النووي كتاب الإيمان باب الدعاء إلى الشهادتين ح رقم (١٩) .
(٣) الكافي في فقه أهل المدينة المالكي (١/٣٢٦) وأحكام القرآن لابن العربي (٥/٥٣٤) ومغني المحتاج (٤/١٨٧) والمجموع (٦/٢٠١) والحاوي (٨/٥١٢) والمستوعب ... (٣/٣٥٥) وكشاف القناع (٢/١٠٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>