للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الثالث

هرب المجاهد من الأسر وقتل العدو وأخذ أموالهم

اتفق الفقهاء (١) رحمهم الله تعالى- فيما أعلم -: أن المجاهد إذا استطاع الهرب من أسر العدو فإن له أن يقتل من قدر عليه منهم، وأن يأخذ ما استطاع من أموالهم.

جاء في الحاوي الكبير: (المسلم إذا أسره أهل الحرب فالأسير مستضعف تكون الهجرة عليه إذا قدر عليها فرضا، ويجوز له أن يغتالهم في نفوسهم وأموالهم ويقاتلهم إن أدركوه هاربا) (٢) . وعلى هذا فالمجاهد إذا وقع في أسر العدو فإن عليه أن يحاول الهرب بالوسائل الممكنة، ويقتل العدو ويأخذ أمواله.

ويدل على ذلك ما جاء في قصة أبي بصير (٣) (حين سلمه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى رجلين من قريش جاءا يطلبانه بناء على ما تم في صلح الحديبية، أنه لا يأتي رجل من المشركين إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو كان مسلما إلا رده إليهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدا فاستله الآخر.. فقال أبو بصير: أرني انظر إليه، فأمكنه منه فضربه حتى برد وفر الأخر..) (٤) .

وجه الدلالة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر على أبي بصير قتله للرجل، ولا أمر فيه بقود ولا دية (٥) فدل على أنه ما فعله أبو بصير جائز.


(١) المبسوط (١٠/٦٦) وشرح السير الكبير (٤/٢٥٤) والذخيرة (٣/٣٩٠) والتاج والإكليل بهامش مواهب الجليل (٤/٥٤٨) والأم (٤/٢٤٧) وروضة الطالبين (١٠/٢٨٢) ومغني المحتاج (٦/٥٥) والمغني (١٣/١٨٥) وكشاف القناع (٢/٤٢٩) .
(٢) الحاوي الكبير (١٤/٢٧٠) .
(٣) هو: عتبة بن أسيد بن جارية، أبو بصير الثقفي، حليف بن زهرة، كان من المستضعفين في مكة جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فرده إلى قريش بناء على ما تم في صلح الحديبية، فهرب من قريش وانضم إليه جماعة فكانوا يؤذون قريش في تجارتهم فطلبوا من النبي - صلى الله عليه وسلم -، أن يؤويهم إليه ففعل فخرجوا إلى المدينة، إلا أبا بصير قد مات، انظر الإصابة (٤/٣٥٩) ت رقم (٥٤١٣) وأسد الغابة (٣/٤٥٥) ت رقم (٣٥٣٦) .
(٤) صحيح البخاري مع الفتح كتاب الشروط باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب، جزء من حديث طويل رقم (٢٧٣١) (٢٧٣٢) .
(٥) فتح الباري (٥/٤٣٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>