للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدل على ذلك حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: (جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - يعودني وأنا بمكة..، قلت: يا رسول الله أوصي بمالي كله؟ قال: لا، قلت: فالشطر؟ قال: لا، قلت: الثلث؟ قال: فالثلث والثلث كثير، إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون (١) الناس) (٢) .

واختلفوا فيمن لم يترك ورثة إلى قولين:

القول الأول: أنه يجوز له أن يوصي بكل ماله في سبل الخير، وبهذا قال الحنفية (٣) وهو رواية عند الحنابلة قال في الإنصاف: هي المذهب (٤) .

واستدلوا بحديث سعد بن أبي وقاص السابق.

ووجه الدلالة منه: أن المنع من الزيادة على الثلث إنما كان لتعلق حق الورثة به، بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس..» (٥) . فإذا لم يكن له ورثة جاز أن يوصي بكل ماله في سبل الخير. ونوقش: بأن قوله - صلى الله عليه وسلم - (إنك إن تدع ورثتك ... إلخ) .

ليس تعليلا لرد الزيادة على الثلث، ولو كان ذلك تعليلا لجازت الزيادة على الثلث مع غناهم إذا لم يصيروا عالة (٦) .

ويمكن الجواب: بأن الحديث دل على أن العلة في عدم الزيادة على الثلث هو الإضرار بالورثة (٧) ولو كانوا أغنياء حال الوصية، لأنهم قد يحتاجون المال بعد ذلك.


(١) العالة: جمع عائل وهو الفقير، والتكفف: مد اليد للسؤال، انظر: طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية ص ٣٣٥.
(٢) صحيح البخاري مع الفتح، كتاب الوصايا، باب أن يترك ورثته أغنياء، ح رقم ... (٢٧٤٢) وصحيح مسلم مع شرح النووي، كتاب الوصية، باب الوصية بالثلث، ح رقم (١٦٢٨) .
(٣) بدائع الصنائع (٦/٤٣٠) وتبيين الحقائق (٦/١٨٢) .
(٤) الإنصاف (٧/١٩٢) والمغني (٨/٥١٦) .
(٥) المغني (٨/٥١٦) والكافي في فقه الإمام أحمد (٢/٣٣٩) وتبيين الحقائق (٦/١٨٢) .
(٦) الحاوي الكبير (٨/١٩٦) .
(٧) الكافي في فقه الإمام أحمد (٢/٣٣٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>