للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأختلف أصحاب هذا القول في تحديد المدة التي يغلب على الظن أن المفقود لا يعيش فوقها، فظاهر مذهب الحنفية (١) ، والصحيح عند الشافعية (٢) ورواية عند الحنابلة (٣) : أنها لا تقدر بمدة معينة والمرجع في ذلك إلى اجتهاد القاضي أو الحاكم، لأنه لا دليل على التقدير بمدة معينة، فينظر القاضي أو الحاكم في الأقران، والزمان والمكان، ويجتهد في بيان المدة (٤) وكل حالة لها ظروفها لخاصة بها.

وذهب المالكية (٥) وقول عند الحنفية (٦) وقول عند الشافعية (٧) إلى أنها تقدر بمدة محدودة، لأن الحياة بعد هذه المدة نادرة ولا عبرة للنادر، ثم اختلفوا في تحديد هذه المدة فالمعتمد عند المالكية أنها سبعون سنة، وقيل: ثمانون، وقيل: تسعون (٨) .

وعند الحنفية تسعون سنة، وقيل: مائة سنة، وقيل: مائة وعشرون سنة، وقيل: غير ذلك (٩) وفي وجه عند الشافعية، أنها تسعون سنة (١٠) .

الترجيح

الراجح القول الأول: أنه ينتظر المفقود في المعركة أربع سنوات، لأنها مدة كافية في معرفة مصيره، إذا تقرر هذا فإن مال المفقود في المعركة بعد تيقن موته، أو الحكم بعد مضي مدة الانتظار يقسم بين ورثته الأحياء الموجودين حين الحكم بموته، لا من مات منهم في مدة الانتظار، وذلك باتفاق الفقهاء -فيما أعلم- لأن الحكم بموت المفقود جاء متأخرا عن وفاتهم ومن شرط الإرث حياة الوارث حين موت المورث، والأصل حياة المفقود في مدة الانتظار، والله أعلم.


(١) المرجعان السابقان قبل المرجع السابق والبحر الرائق (٥/٢٧٧) وحاشية ابن عابدين (٦/٤٦٢) .
(٢) روضة الطالبين (٦/٣٤) ومغني المحتاج (٤/٤٨) .
(٣) الانصاف (٧/٣٣٥) .
(٤) حاشية ابن عابدين (٦/٤٦٢) والفوائد الجلية لابن باز -رحمه الله- ص (٥٠) .
(٥) الذخيرة (١٣/٢٢) وحاشية الخرشي (٥/١٢٩) وحاشية العدوي بهامش حاشية الخرشي (٥/١٢٩) .
(٦) البحر الرائق (٥/٢٧٧) والمبسوط (٣٠/٥٤) وبدائع الصنائع (٥/٢٨٩) .
(٧) روضة الطالبين (٦/٣٤) ومغني المحتاج (٤/٤٨) .
(٨) المقدمات (١/٥٣٣) والذخيرة (١٣/٢٢) .
(٩) البحر الرائق (٥/٢٧٧) والمبسوط (٣٠/٥٤) وبدائع الصنائع (٥/٢٨٩) .
(١٠) روضة الطالبين (٦/٣٤) ومغني المحتاج (٤/٤٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>