للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- أن الحدود تجب في دار الإسلام، فاقتضى أن تجب في دار الحرب (١) .

٣-أنه لما استوت الداران في تحريم المعاصي ووجوب العبادات، وجب أن تستويا في لزوم الحدود (٢) .

ويمكن مناقشة أدلتهم بما يلي:

١- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقام الحد بالمدينة وهي دار إسلام لا دار حرب.

٢- أن الحدود تجب في دار الإسلام ولا يقتضي ذلك وجوبها في دار الحرب لوجود مانع أو مصلحة، كما ذكر الشافعية ذلك.

٣- أن تحريم المعاصي ووجوب العبادات مطلقا في كل زمان وكل مكان، أما إقامة الحدود فمقيد كما سبق.

الترجيح

الذي يظهر أنهم متفقون على جواز تأخير الحد عن المجاهد حتى يرجع إلى دار الإسلام إذا وجد مانع من إقامته في دار الحرب فالحنابلة، والشافعية ظاهر قولهم فيما سبق.

أما المالكية فجاء في حاشية الدسوقي بعد أن أوجب إقامة الحد في دار الحرب ما يدل على جواز تأجيل الحد، قال: (والظاهر أنه إذا خيف من إقامة الحد ببلدهم حصول مفسدة فإنه يؤخر ذلك للرجوع لبلدنا، ولا سيما إن خيف عظمها) (٣) .

والخلاف إنما هو فيما إذا لم يوجد ما يمنع من إقامة الحد، إلا الخوف من لحوقه بالمشركين فالمالكية والشافعية قالوا: تقام عليه الحدود، والحنابلة قالوا: لا تقام عليه الحدود حتى يرجع والراجح ما ذهب إليه الحنابلة أنها لا تقام عليه الحدود في دار الحرب وتؤخر حتى يرجع إلى دار الإسلام للنصوص الواردة في ذلك والآثار عن الصحابة -رضي الله عنهم- وإجماعهم على ذلك، ولأن إقامة الحدود على المجاهد في دار الحرب تؤدي إلى إضعاف روحه المعنوية وربما طمع العدو في المسلمين واستغلوا إقامة الحدود في إثارة الفتنة بينهم وإضعافهم وتفريق صفهم والله أعلم.


(١) الحاوي الكبير (١٤/٢١٠) .
(٢) المرجع السابق.
(٣) حاشية الدسوقي (٢/١٨٠) وانظر حاشية الخرشي (٤/٢٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>