للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورسولنا صلى الله عليه وسلم كان يأمر الناس بالخير وهو أول من يأتيه، وكان ينهاهم عن الشر وهو أول من يجتنبه ويبتعد عنه، وهذا من كمال خلقه عليه الصلاة والسلام، ولا عجب فقد كان خلقه القرآن. ومطاقة القول العمل، أسرع في الاستجابة من مجرد القول بمفرده، يتبين لنا ذلك من خلال عرض هذا الحدث الذي وقع للنبي صلى الله عليه وسلم، والمسلمين معه في قصة الحديبية. فعندما صالح المشركون المسلمين على شروط معينة ومنها أن يرجع المسلمون من عامهم هذا عن مكة ويحجوا في عامهم المقبل. قال ابن القيم:

(١) فلما فرغ من قضية الكتاب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قوموا فانحروا، ثم احلقوا " فوالله ما قام منهم رجل واحد حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد (٢) ، دخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقي منه الناس، فقالت أم سلمة: يا رسول الله: أتحب ذلك؟ اخرج ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك، فقام، فخرج، فلم يكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك: نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأى الناس ذلك، قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضاً» .


(١) من هنا يبدأ النقل من زاد المعاد (٣ / ٢٩٥) .
(٢) لا ينبغي لأحد أن يتأخر عن امتثال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم البتة، وقد تكلم ابن القيم في زاد المعاد (٣ / ٣٠٧،٣٠٨) على سبب تأخر الصحابة رضوان الله عليهم، عن امتثال أمر النبي في حادثة الحديبية، فراجعه إن شئت ففيه فوائد.

<<  <   >  >>