للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العدل والحكمة

أمّا العدل فقد صحّ فيه الحديث عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم حيث فسَّر قوله- تعالى-: {أُمَّةً وَسَطًا} (البقرة: من الآية ١٤٣) بقوله: عدولا: وذلك في الحديث الذي رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري، حيث قال، صلى الله عليه وسلم «والوسط والعدل» (١) .

وفي رواية الطبري: قال: «أمَّة وسطًا» عدولا (٢) .

وقد بيّنت أنَّ الوسطيَّة بينيَّة، ومن ثمَّ لا بد من العدل في اختيار هذا الأمر الذي بين أمرين أو عدَّة أمور.

قال القرطبي: والوسط: العدل، وأصل هذا أنَّ أحمد الأشياء أوسطها.

ثم قال: قال علماؤنا: أنبأنا ربنا- تبارك وتعالى- في كتابه بما أنعم علينا من تفضيله لنا باسم العدالة، وتولية خطير الشهادة على جميع خلقه، فجعلنا أولا مكانًا، وإن كنَّا آخرًا زمانًا، كما قال، عليه السلام: «نحن الآخرون الأولون» (٣) . وهذا دليل على أنَّه لا يشهد إلا العدول، ولا ينفذ قول الغير على الغير إلا أن يكون عدلا (٤) .

وممّا يدلّ على أنَّ العدل من ملامح الوسطيَّة قول الطبري: وأمَّا التّأويل فإنَّه جاء بأنّ الوسط العدل، وذلك معنى الخيار، لأنَّ الخيار من النَّاس عدولهم (٥) .

ثم ساق الأدلّة من السنَّة وأقوال السّلف في ذلك.


(١) - انظر: تفسير الطبري (٢ / ٧) . والحديث أخرجه الترمذي (٥ / ١٩٠) رقم (٢٩٦١) وأحمد (٣ / ٩) وعندهما «عدلا» بدل «عدولا» .
(٢) - انظر: تفسير الطبري (٢ / ٦) .
(٣) - أخرجه البخاري (١ / ٢١١) . ومسلم (٢ / ٥٨٥) رقم (٨٥٥) .
(٤) - انظر: تفسير القرطبي (٢ / ١٥٥) .
(٥) - انظر: تفسير الطبري (٢ / ٧) .

<<  <   >  >>