للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيًا: التفريط والجفاء

بعد أن عرَّفنا معنى الغلوّ والإفراط، وما يدّل عليه كل منهما، نقف الآن مع ما يقابلهما، وهو: التَّفريط والجفاء. والتَّفريط في اللغة هو التَّضييع كما في لسان العرب.

وقال الزَّجَّاج: {وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} (الكهف: من الآية ٢٨) . أي كان أمره التَّفريط وهو تقديم العجز.

وفي حديث عليّ رضي الله عنه لا يرى الجاهل إلا مفْرِطًا أو مفرِّطًا، وهو بالتخفيف: المسرف في العمل، وبالتّشديد المقصِّر فيه.

ومنه الحديث: «أنَّه نام عن العشاء حتى تفرّطت» أي: فات وقتها قبل أدائها.

وفرّط في الأمر يُفرِّط فرطًا، أي: قصَّر فيه وضيَّعه حتى فات، وكذلك التّفريط (١) .

ومنه قول الرسول، صلى الله عليه وسلم «أما إنَّه ليس في النوم تفريط» (٢) . وإذن فالتَّفريط هو التَّقصير والتَّضييع والتَّرك.

قال ابن فارس: وكذلك التَّفريط، وهو التَّقصير، لأنَّه إذا قصر فيه فقد قعد به عن رتبته التي هي له (٣) .

وقال الجوهري: فرَّط في الأمر فرطًا: أي قصَّر فيه، وضيَّعه، حتى فات، وكذلك التَّفريط (٤) .

وقد وردت مادة (فرط) في القرآن في عدَّة مواضع.


(١) - انظر لكل ما سبق: لسان العرب، مادة (فرط) .
(٢) - جاءت هذه العبارة في حديث أبي قتادة الطويل. أخرجه مسلم (١ / ٤٧٣) رقم (٦٨١) . وأخرجه مختصرًا: أبو داود (١ / ١٢١) رقم (٤٤١) . والترمذي (١ / ٣٣٤) رقم (١٧٧) . والنسائي (١ / ٢٩٤) رقم (٦١٤) . وغيرهم.
(٣) - معجم مقاييس اللغة مادة (فرط) (٤ / ٤٩٠) .
(٤) - انظر: الصحاح مادة (فرط) (٣ / ١١٤٨) .

<<  <   >  >>