للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رَحْمَةٌ، ثم أتبعها بأخرى فقال: " إنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، وَالقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلاَ نَقُولُ إِلاَّ ما يُرْضِي رَبَّنا، وَإنَّا بِفِرَاقِكَ يا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ " والأحاديث بنحو ما ذكرته كثيرة مشهورة.

وأما الأحاديث الصحيحة: أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه، فليست على ظاهرها وإطلاقها، بل هي مؤوّلة.

واختلف العلماء في تأويلها على أقوال: أظهرها - والله أعلم - أنها محمولة على أن يكون له سبب في البكاء، إما بأن يكون أوصاهم به، أو غير ذلك، وقد جمعت كل ذلك أو معظمه في " كتاب الجنائز " من " شرح المهذب "، والله أعلم.

قال أصحابنا: ويجوز البكاء قبل الموت وبعده، ولكن قبله أولى.

٤٤١ - للحديث الصحيح: " فإذَا وَجَبَتْ فَلا تَبْكِيَنَّ باكية ".

وقد نصّ الشافعي رحمه الله والأصحاب على أنه يُكره البكاء بعد الموت كراهة تنزيه ولا يحرم، وتأوّلوا حديث " فَلاَ تَبْكينَّ بَاكِيَةٌ " على الكراهة.

(بابُ التَّعْزِيَة)

٤٤٢ - روينا في كتاب الترمذي، و " السنن الكبرى " للبيهقي، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " مَنْ عَزَّى مُصَاباً فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ " وإسناده ضعيف.

٤٤٣ - وروينا في كتاب الترمذي أيضاً، عن أبي برزة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " مَنْ عَزَّى ثَكْلَى كُسِيَ بُرْداً في الجَنَّةِ ".

قال الترمذي: ليس إسناده بالقويّ.

٤٤٤ - وروينا في سنن أبي داود، والنسائي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما حديثاً طويلاً فيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة رضي الله عنها: " ما أخْرَجَكِ يَا فاطِمَةُ مِنْ بَيْتكِ؟ " قالَت: أتيتُ أهلَ هذا الميت فترحمتُ إليهم ميّتهم أو عزَّيْتُهم به (١) .

٤٤٥ - وروينا في سنن ابن ماجه، والبيهقي، بإسناد حسن، عن عمرو بن حزم رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَزِّي أخاهُ بِمُصِيْبَتِهِ إِلاَّ كَساهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ حُلَلِ الكَرَامَةِ يَوْمَ القِيامَةِ ".

واعلم أن التعزية هي التصبير، وذكر ما يسلّي صاحب الميت، ويخفّف حزنه، ويهوّن مصيبته، وهي مستحبة، فإنها مشتملة على الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر،


(١) وهو حديث حسن.
(*)

<<  <   >  >>