للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول: إِلَيْكَ اللَّهُمَّ أرْغَبُ، وإيَّاكَ أرْجُو، فَتَقَبَّلْ نُسُكِي، وَوَفِّقْنِي، وارْزُقْنِي فيهِ مِنَ الخَيْرِ أكْثَرَ ما أطْلُبُ، وَلا تُخَيِّبْني إنَّكَ أنْتَ اللَّهُ الجَوَادُ الكَرِيمُ (١) ، وهذه الليلة هي ليلة العيد، وقد تقدَّمَ في أذكار العيد بيان فضل إحيائها بالذكر والصلاة، وقد انضمّ إلى شرف الليلة شرفُ المكان، وكونُه في الحرم والإِحرام، ومَجمعُ الحجيج، وعقيب هذه العبادة العظيمة، وتلك الدعوات الكريمة في ذلك الموطن الشريف.

فصل في الأذكار المستحبة في المزدلفة والمشعر الحرام: قال الله تعالى: (فإذا أفضْتُمْ (٢) مِنْ عَرفاتٍ فاذْكُرُوا اللَّه (٣) عِنْدَ المَشْعَرِ الحَرَامِ (٤) واذْكُرُوهُ كما هَداكُمْ وإنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّين) [البقرة: ١٩٨] فيُستحبّ الإِكثارُ من الدعاء في المزدلفة في ليلته ومن الأذكار والتلبية وقراءة القرآن، فإنها ليلة عظيمة، كما قدَّمناه في الفصل الذي قبل هذا.

٥٦٦ - ومن الدعاء المذكور فِيهَا: اللَّهُمَّ إني أسألُكَ أنْ تَرْزُقَنِي في هَذَا المَكانِ جَوامِعَ الخَيْرِ كُلِّهِ، وأنْ تُصْلِحَ شأنِي كُلَّهُ، وأنْ تَصْرِفَ عَنِّي الشَّرَّ كُلَّهُ، فإنَّه لاَ يَفْعَلُ ذلكَ غَيْرُكَ، وَلاَ يَجُودُ بِهِ إِلاَّ أنت (٥) .

وإذا صلَّى الصبحَ في هذا اليوم صلاَّها في أوّل وقتها، وبالغَ في تبكيرها، ثم يسيرُ إلى المشعر الحرام، وهو جبل صغير في آخر المزدلفة يُسمَّى " قُزَح " بضم القاف وفتح الزاي، فإن أمكنه صعودُه صَعَدَه، وإلا وقف تحتَه مستقبلَ الكعبة، فيَحمد الله تعالى،

ويُكبِّره، ويُهلِّله ويُوحِّده، ويُسبِّحه، ويُكثر من التلبية والدعاء.

ويُستحبّ أن يقولَ: اللَّهُمَّ كما وَقَفْتَنا فِيهِ وأرَيْتَنا إيّاه، فَوَفِّقْنا لذِكْرِكَ كما هَدَيْتَنا،


(١) قال ابن علاّن في " شرح الأذكار ": ذال الحافظ: وهو حسن، ولمأره مأثورا.
(٢) فإذا أفضتم: أي دفعتم، يقال فاض الإِناء: إذا امتلأ حتى ينصبّ من نواحيه.
(٣) فاذكروا الله، أي: بالدعاء والتلبية.
(٤) وهو مأخوذ من الشعار، أي: العلامة، لأنه من معلم الحج، وأصل الحرام: المنع، فهو ممنوع أن تفعل فيه ما لم يؤذن فيه.
(٥) قال بان علان في " شرح الأذكار ": قال الحافظ: لم أره مأثوراً، لكن تقدم الدعاء بصلاح الشأن قال ابن علاّن: وورد في الدعاء بجوامع الخير ما أسنده الحافظ من طريق الطبراني عن أُمّ سلمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو ... فذكر حديثا طويلا، وفيه: " اللهم إني أسألك فواتح الخير، وخواتمه وجوامعه، وأوله وآخره، وظاهره وباطنه، والدرجات العلى من الجنة " قال الحافظ بعد تخريجه: هذا حديث حسن غريب، أخرجه الحاكم مفرقا في موضعين وقال ; صحيح الإسناد.
(*)

<<  <   >  >>