للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السوق، فقلتُ له: ما تصنعُ بالسوق وأنتَ لا تقفُ على البيْعِ ولا تسألُ عن السِّلعِ ولا تسوم بها ولا تجلسُ في مجالس السوق؟ قال: وأقولُ: اجلسْ بنا هاهنا نتحدّثْ، فقال لي ابن عمرَ: يا أبا بطن (١) وكان الطفيلُ ذا بطن، إنما نغدو من أجل السلام نُسَلِّم على مَن لقيناه (٢) .

٧٠٤ - وروينا في " صحيح البخاري " عنه قال: وقال عمّار رضي الله عنه: ثلاثٌ

من جَمعهنّ فقد جمعَ الإِيمانَ: الإِنصافُ من نفسك، وبذلُ السَّلام للعالم، والإِنفاقُ من الإِقتار.

وروينا هذا في غير البخاري مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (٣) .

قلت: قد جمعَ في هذه الكلمات الثلاث خيراتِ الآخرة والدنيا، فإنَّ الإِنصافَ يقتضي أن يؤدّي إلى الله تعالى جميع حقوقه وما أمره به، ويجتنب جميع ما نهاه عنه، وأن يؤدي للناس حقوقهم، ولا يطلب ما ليس له، وأن ينصف أيضاً نفسه فلا يوقعها في قبيح أصلاً.

وأما بذلُ السلام للعالم، فمعناه لجميع الناس، فيتضمن أن لا يتكبر على أحد، وأن لا يكون بينه وبين أحد جفاء يمتنع بسببه من السلام عليه بسببه.

وأما الإِنفاق من الإقتار فيقتضي كمال الوثوق بالله تعالى والتوكل عليه والشفقة على المسلمين، إلى غير ذلك، نسأل الله تعالى الكريم التوفيق لجميعه.

(بابُ كيفيّة السَّلام)

اعلم أن الأفضل أن يقول المسلم: السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، فيأتي بضمير الجمع وإن كان المسلَّم عليه واحداً، ويقولُ المجيب: وَعَلَيْكُمُ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَركاتُه، ويأتي بواو العطف في قوله: " وعليكم ".

وممّن نصّ على أن الأفضل في المبتدئ أن يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الإِمام أقضى القضاة أبو الحسن الماورديّ في كتابه " الحاوي " في كتاب السِّيَر، والإِمام أبو سعد المتولي من أصحابنا في كتاب صلاة الجمعة وغيرهما.


(١) فيه أن ذكر بعض خلقه الإنسان إذَا لم يَتَأذّ بذكره فلم يقصد به الإهانة وإدخال العيب لا يكون محرما منهيا عنه.
(٢) قال الحافظ: وهو موقوف صحيح.
(٣) وإسناده ضعيف في المرفوع.
(*)

<<  <   >  >>