للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

توبته قال: سمعت صوت صارخ يقولُ بأعلى صوته: يا كعبَ بن مالك أبشر، فذهبَ الناسُ يبشروننا، وانطلقتُ أتأمّم رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم) (١) يتلقاني الناسُ فوجاً فوجاً يهنئوني بالتوبة، ويقولون: ليهنئك توبةُ الله تعالى عليك، حتى دخلتُ المسجدَ (٢) ، فإذا رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) حولَه

الناس، فقام طلحةُ بن عبيد الله يُهرول حتى صافحني وهنّأني، وكان كعبٌ لا ينساها لطلحة، قال كعبُ: فلما سلَّمتُ على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال وهو يُبْرقُ وجهُه من السرور: " أبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدتْكَ أُمُّكَ ".

(بابُ جَواز التعجّب بلفظ التَّسبيحِ والتَّهليلِ ونحوهما)

١٠٠٤ - روينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي (صلى الله عليه وسلم) لقيه وهو جُنُب، فانسلَّ فذهبَ فاغتسلَ، فتفقَّده النبيّ (صلى الله عليه وسلم) ، فلما جاء قال: " أيْنَ كُنْتَ يا أبا هُرَيْرَةَ؟ " قال: يا رسول الله لقيتني وأنا جُنُب فكرهتُ أن أُجالسَك حتى أغتسل، فقال: " سُبْحانَ اللَّه إنَّ المُؤْمِنَ لا يَنْجُسُ ".

١٠٠٥ - وروينا في " صحيحيهما " عن عائشة رضي الله عنها، أن امرأة سألتِ النبيَّ (صلى الله عليه وسلم) عن غسلها من الحيض، فأمرَها كيف تغتسلُ قال: " خُذِي فِرْصَةً مِنْ مِسْكٍ فَتَطَهَّري بِهَا، قالت: كيف أتطهرُ بها؟ قال: تَطَهرِي بِهَا، قالت: كَيْفَ؟ قال: سبْحانَ اللَّهِ تَطَهَّرِي، فاجتذبتُها إليّ فقلتُ: تتبعي أثرَ الدم ".

قلتُ: هذا لفظ إحدى روايات البخاري، وباقيها روايات مسلم بمعناه، والفِرصة بكسر الفاء وبالصاد المهملة: القطعة.

والمسك بكسر الميم: وهو الطيب المعروف، وقيل الميم مفتوحة، والمراد الجلد، وقيل أقوال كثيرة، والمراد أنها تأخذ قليلاً من مسك فتجعله في قطنة أو صوفة أو خرقة أو نحوها فتجعله في الفرج لتُطيِّبَ المحلّ وتزيلَ الرائحةَ الكريهة، وقيل: إن المطلوب منه إسراع علوق الولد، وهو ضعيف، والله أعلم.

١٠٠٦ - وروينا في " صحيح مسلم " عن أنس رضي الله عنه " أن أُختَ الرُّبَيِّع أُمّ حارثة جرحت إنساناً، فاختصموا إلى النبيَّ (صلى الله عليه وسلم) ، فقال: القِصَاصَ القِصَاصَ (٣) ، فقالت أم


(١) أي: أقصده، يقال: تأممه، وتيممه، وأمه، ويمه، أي قصده.
(٢) يعني مسجد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في المدينة المنورة.
(٣) بنصهما، أي: أدّوا القصاصَ وسلموه لمستحقه.
(*)

<<  <   >  >>