للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سواء أصحّتْ عنهم أم لم تصحّ، فإن صحَّتْ لم تقدحْ في جلالتهم كما عرف، وقد أُضيف بعضُها لغرض صحيح، بأن يكونَ ما قاله محتملاً فينظر غيري فيه، فلعلّ نظره يُخالف نظري فيعتضدُ نظرُه بقول هذا الإِمام السابق إلى هذا الحكم، وبالله التوفيق.

فمن ذلك ما حكاهُ الإِمامُ أبو جعفر النحاس في كتابه " شرح أسماء الله تعالى " عن بعض العلماء أنه كره أن يُقال: تصدّق الله عليكَ، قال: لأن المتصدّقَ يرجو الثواب.

قلتُ: هذا الحكم خطأ صريح وجهلٌ قبيح، والاستدلال أشدُّ فساداً.

" وقد ثبت في " صحيح مسلم " عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال في قصر الصلاة " صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ ".

فصل:

ومن ذلك ما حكاهُ النحَّاسُ أيضاً عن هذا القائل المتقدّم أنه كره أن يُقال: اللَّهمّ أعتقني منَ النَّارِ، قال: لأنه لا يعتق إلا مَن يطلب الثواب.

قلتُ: وهذه الدعوى والاستدلال من أقبح الخطأ وأرذل الجهالة بأحكام الشرع، ولو ذهبتُ أتتبعُ الأحاديثَ الصحيحة المصرّحة بإعتاق الله تعالى مَن شاء من خلقه لطال الكتاب طولاً مُمِلاًّ.

١١٥٢ - وذلك كحديث " مَنْ أعْتَقَ رَقَبَةً أعْتَقَ اللَّهُ تَعالى بِكُلِّ عُضْو مِنْها عُضْواً مِنْهُ من النار " (١) .

فصل:

ومن ذلك قولُ بعضهم: يُكره أن يقولَ افعلْ كذا على اسم الله، لأن اسمَه سبحانه على كلِّ شئ.

قال القاضي عياض وغيرُه: هذا القول غلط.

١١٥٣ - فقد ثبتت الأحاديث الصحيحة: أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال لأصحابه في الأضحية: " اذْبَحُوا على اسْمِ الله " أي قائلين باسم الله.

فصل:

ومن ذلك ما رواه النحاسُ عن أبي بكر محمد بن يحيى قال: وكان من الفقهاء الأدباء العلماء، قال: لا تقلْ: جمعَ الله بيننا في مستقرُ رحمته، فرحمةُ الله أوسعُ من أن يكون لها قرار، قال: لا تقلْ: ارحمنا برحمتك.


(١) متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) رواه مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها.
(*)

<<  <   >  >>