للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهاتان هما الطريقان: الحكمة والموعظة. وعامة الناس يحتاجون إلى هذا وهذا فإنَّ النفس لها هوى تدعوها إلى خلاف الحق وإنْ عرفته؛ فالناسُ يحتاجون إلى الموعظة الحسنة والى الحكمة فلا بد من الدعوة بهذا وهذا.

وأما الجدلُ فلا يدعى به بل هو من باب دفع الصائل؛ فإذا عارض الحق معارض جودل بالتي هي أحسن. ولهذا قال: {وَجَادِلْهُمْ} فجعله فعلا مأمورا به مع قوله: ادِعُهُمْ فأمر بالدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة وأمره أن يجادل بالتي هي أحسن وقال في الجدال: {بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} ولم يقل بـ الْحَسَنَةِ كما قال في الموعظة؛ لأن الجدال فيه مدافعة ومغاضبة فيحتاج أن يكون بالتي هي أحسن حتى يصلح ما فيه من الممانعة والمدافعة والموعظة لا تدافع كما يدافع المجادل فما دام الرجل قابلا للحكمة أو الموعظة الحسنة أولهما جميعا لم يحتج إلى المجادلة فإذا مانعَ جودل بالتي هي أحسن)) . انتهى. (١)


(١) الرد على المنطقيين (٤٦٧-٤٦٨) .

<<  <   >  >>