للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وسلم". (١) فهذه أقوالُ العلماءِ من فقهاءِ المذاهب الأربعةِ وغيرِهم، تُبَيِّنُ بوضوحٍ وجلاءٍ جوازَ تغييرِ المنكرِ باليدِّ لآحادِ الرعيةِ، وإنَّما وقع الخلافُ فيما لو وصل التغييرُ باليدِّ إلى جمعِ الأعوانِ وشَهْرِ السِّلاحِ، ففيهم من أجاَز التغييرَ عند ذلك كالغزَّالي، ومنهم من مَنَعَ التَّغييرَ حينئذٍ كالإمامِ الجويني وغيره من أهلِ العلمِ.

وفي مثل هذا الخلاف يمكننا - والله أعلم - أن نجمع بين الرأيين؛ وذلك بالنظر إلى جسامةِ المنكر وخطورتِه، فإذا كان المنكرُ من الجسامةِ بحيث يترتَّبُ على بقائِه مفسدةٌ أكبرُ من تلك التي تُتَوَقَّعُ من تغييرِه عن طريقِ شهرِ السلاحِ وجمعِ الأعوانِ، فلا بأسَ حينئذٍ من شهر السلاح في التَّغييرِ، أمَّا إنْ كان المنكرُ أهونَ من ذلك، أو كان في إشهار السلاح مفسدةٌ أعظمُ من المنكرِ فلا يلجأُ حينئذٍ إلى تلك الوسيلةِ، وهذا يدخلُ في بابِ تحقيقِ "المصالحِ والمفاسدِ" ففي ما ذكرناه هنا جمعٌ بين الأقوال، (٢) والله أعلم.


(١) ـ انظر «السيل الجرار» للشوكاني (٤ / ٥٨٦) .
(٢) ـ انظر «حكم تغيير المنكر ... » لعبد الآخر (٤١) .

<<  <   >  >>