للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

التَّعريفُ باللِّسانِ أولاً ثم باليدِّ، يقول الغزَّالي: " إنَّ درجاتِ التَّغييرِ تبدأُ بالتَّعريفِ، أي تعريفُ الفاعلِ للمُنْكرِ أنَّ هذا مُنْكرٌ، ثم الوعظُ اللَّيِّنُ، ثم السَّبُّ والتَّعنيفُ بالقولِ، ثم التَّغييرُ باليَدِّ، ككسرِ الملاهي، وإراقةِ الخَمْرِ، ثم التَّهديدُ والتَّخويفُ، ثم مُبَاشرةُ الضَّربِ باليَدِّ والرِّجْلِ، ثم جَمْعُ الأعوانِ وشَهْرُ السِّلاحِ". (١) ويقول القرطبي: " فالمُنكرُ إذا أمكنت إزالتُه باللِّسانِ للنَّاهي فليفعله، وإن لم يمكنه إلاَّ بالعقوبةِ أم القتل فليفعل، فإن زالَ المُنكرُ بدونِ القَتْلِ لم يَجُزْ القَتْلُ، وهذا (أي: الحُكم) تُلُقِّي من قولِه سبحانه وتعالى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} ) ". (٢) وقال ابنُ العربي: " وإنَّما يبدأُ باللِّسانِ والبيانِ، فإن لم يَكُنْ فباليدِّ". (٣) لكن إذا عَلِمَ أنَّه لا ينتهي عن مُنْكرِه بمجردِ القولِ، جاز له البدءُ بالدَّرجةِ الأعلى، كما ذكره الجصاص فيمن قَصَدَ رجلاً بالقتلِ، او قَصَدَ امرأةً بالزنا ونحو ذلك: " ... وعلم أنَّه لا ينتهي إن أنْكَرَه بالقولِ، أو قاتله بما دون السلاح، فعليه أن


(١) انظر «إحياء علوم الدين» للغزالي (٢ / ٣٢٩-٣٣٣) .
(٢) ـ انظر «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (٤ / ٤٩) .
(٣) ـ انظر «السيل الجرار» للشوكاني (٤ / ٥٨٦) .

<<  <   >  >>