للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فأدلَّةُ السِّترِ هنا وغيره محمُولةٌ على أهلِ المعاصي الذين لم يُجاهروا بذُنُوبهم، ولم يكْشِفوا سِتْرَ الله عليهم، ولم يَلْقُوا جِلبابَ الحياءِ، أمَّا من جاهرَ بذنبِه فهذا ليس مِمَّن دلَّتْ الأدلَّةُ الشَّريعةُ على سَتْرِه، ولا ممَّن يَتَشَوَّف الشَّارعُ الحكيمُ على غضِّ الطَّرفِ عن عِيُوبِه.

والحالةُ هذه؛ فكلُّ من أبدى لنا صَفْحتَه، وجاهرَ بمعاصيه بين المسلمين؛ فليس لنا إلاَّ أن نكشفَ أمرَه، ونُظْهرَ حقيقَتَه؛ عُقُوبةً له، وزجراً لغيرِه ... كما دلَّت عليه مَقاصدُ الشَّريعةِ، وأقوالُ أهلِ العلمِ سلفاً وخلفاً.

يقولُ الإمامُ أحمد - رحمه الله -:" الناسُ يَحتاجون إلى مُداراةٍ، ورِفْقٍ في الأمرِ بالمعروفِ، بلا غِلْظةٍ، إلاَّ رجُلاً مُبايناً، مُعلناً بالفسْقِ والرَّدى، فيجبُ عليك نهيُهُ وإعلامُهُ؛ لأنَّه يُقالُ: ليس لِفاسقٍ حُرمةٌ، فهذا لا حُرْمةَ له". (١)


(١) ـ انظر «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» للخلال ص (٣٥) .

<<  <   >  >>