للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المرتبة الثالثة: الإنكار بالقلب:

إذا عجز المؤمن عن الإنكار باليد واللسان، انتهى إلى الإنكار بالقلب فيكره المنكر بقلبه، ويبغضه، ويبغض أهله - يعلم الله ذلك منه - إذا عجز عن تغييره بيده ولسانه - وهذا الواجب لا يسقط عن المؤمن بوجه من الوجوه، إذ لا عذر يمنعه ولا شئ يحول بينه وبينه، وليس هناك شيء من التغيير ما هو أقل منه، كما جاء في حديث أبي سعيد المتقدم «وذلك أضعف الإيمان» (١) يعني أقل ما يمكن به تغيير المنكر.

وكذلك الحديث الآخر عن ابن مسعود رضي الله عنه «وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل» (٢) ، أي لم يبق بعد هذا من الإنكار ما يدخل في الإيمان حتى يفعله المؤمن ويثاب عليه، بل الإنكار بالقلب آخر حدود الإيمان.

قيل لابن مسعود - رضي الله عنه - من ميت الأحياء؟ فقال: الذي لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا (٣) .

وهذا هو المفتون الموصوف في حديث حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - بأنه لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أُشرب من هواه) (٤) .

وهنا أود أن أشير إلى أن المرأة لها أن تنكر على من تستطيع الإنكار عليه من النساء، ومن أقاربها من الرجال.


(١) تقدم تخريجه، ص٣٧٩.
(٢) تقدم تخريجه، ص ٣٨٠.
(٣) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لابن تيمية ص ٩.
(٤) صحيح مسلم، ١ / ١٢٨-١٢٩، كتاب الإيمان، باب بيان أن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا، رقم ١٤٤.

<<  <   >  >>