للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- حبذا أيضا لو كان في خطابنا الدعوي- نثرا كان أو شعرا أو خطابة - تبيين وتذكير ببعض المنكرات التي انتشرت في الأمة وخاصةً التي استمرأها المسلمون , وهذا أفضل من العموميات في الكلام عن العودة والذنوب, لكي يتضح للفرد المسلم نقاط خلله وتقصيره (١) , ومن ثم يكون خطابنا أقوى في النتيجة العملية الناتجة منه بإذن الله.

وليت خطابنا الدعوي لا يُغفل تذكير الفرد والمجتمع بخطر المعاصي كلها بشتى أنواعها, بما فيها خطر الإصرار على الصغائر (٢) , الذي تساهل به حتى الكثير من الأفاضل والطيبين, نسياناً منهم لبعض الحقائق والأسس المتعلقة بهذا الموضوع, ومنها تحول الصغائر إلى كبائر بأمور عديدة منها الإصرار والمجاهرة وعدم الحياء والخجل من الله في عملها كما وضح هذه الحقائق علماء الأمة وسلفها الصالح.

فنحتاج في خطابنا إلى تبصير الأمة بهذه الحقيقة التي نُسيت, وخاصة وأننا نرى الانتشار الضخم في الإصرار على كثير من الصغائر في واقع أمتنا الحاضر, والذي لا شك في أن إفساد المفسدين وتضليل المضلين دعمه وقوَّاه في قضايا كثيرة.


(١) من أمثلة العموميات في الخطاب وبغض النظر عن مسألة المآسي وواجب العودة أن تكثر الكلمات المتحدثة عن التوبة بدون أن توضح هذه الكلمات من ماذا تكون التوبة؟ بذِكر بعض الأمثلة (وليس شرطاً أن تذكر الأمثلة في كل كلمة) , فالسامع للكلمة قد يكون واقعا في العديد من المنكرات (سواءً في أمر العقيدة أو الفكر أو السلوك) ولكن ضعف التصور وهوى النفس قد تجعله يرى أنه ليس هو من المقصودين بالتوبة, وأن المقصود بها غيره من الواقعين في الكبائر الظاهرة مثل شرب الخمر والزنا وغيرها. بل أحيانا يُذكَر مثلٌ ولكنه مثل عام يحتاج إلى توضيح وتحديد, فيشارك أيضا الهوى وضعف التصور في إيهام المستمع بأنه ليس المقصود؛.... فمثلا الكلام عن النظر الحرام قد يتصور البعض أن المقصود به هو رؤية الأفلام الفاحشة والشديدة التبذل وأما أن يرى المرأة المتبرجة (بل أحيانا الكاسية العارية من شدة تبرجها) فلبس هذا من النظر الحرام في تصوره, ... خاصة مع الاستمراء الكبير للعديد من المنكرات في مجتمعات المسلمين في عصرنا الحاضر.
(٢) إن التنبيه على خطورة الإصرار على الصغائر لا يعني أبداً أنها أهم انحرافات الأمة, فحتى الإصرار على الكبائر إنتشر في الأمة,...... ففي الأمة الكثير من الشرك والانحرافات العقدية, وضعف تحقيق التوحيد وتمثل معانيه! , والبدع, وتحكيم غير شرع الله, والخلل في الولاء والبراء, ومحاربة المصلحين, والاستهزاء والتهاون بقيم الدين, وترك الصلاة, والتعامل بالربا, والظلم والغش وتضييع الأمانات, والغيبة, ... وغير ذلك, ولكن نبه على الصغائر لأن التذكير بها وبخطرها قد يغفل وينسى.

<<  <   >  >>