للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وهناك من يرى أن المحاورات والمناظرات والمناقشات في المذاهب هي نوع من الفلسفة، حيث يشير أحدهم إلى ذلك بقوله: أما الدين من حيث هو علم تتناوله المناظرة والجدل وتؤلف فيه الكتب والأسفار، فتعددت الفرق الإسلامية وقامت بينها جميعاً مناقشات وردود ومناظرات ومحاورات حوتها مؤلفات ذلك العصر، وتحولت المعرفة حينئذٍ إلى نظريات فلسفية وجدل كلامي، فما من فكرة أو قول إلا وقد أصبح مركزاً تدور حوله الدوائر من الخلاف والجدل المذهبي١. وهذا الذي يخشى منه عند من ينسبون الفلسفة للإسلام. فيظهر لهم أن المناظرات والمناقشات هي من قبيل الفلسفة.

وأما الموضوعات التي كان يدور حولها النقاش في القرن الرابع الهجري فكانت موضوعات فلسفية في النفس والعقل والزمان والمكان والعالمين العلوي والسفلي والخليقة والمادة والخير والشر والفضيلة والرذيلة والصداقة والصديق ٢.

وقد يقول قائل مادام أنها في الفضيلة والرذيلة والصداقة فلماذا الاعتراض عليها خاصة وأن مثل هذه الأمور مهمة في التربية الأخلاقية، والجواب نعم، أنها مهمة ومطلوب تعلمها والتحلي بالصفات الحسنة منها، والابتعاد عن أضدادها، ولكن من منظور إسلامي لا من منظور فلسفي يخرج المرء من النور إلى الظلمات، ومن الصحيح إلى الخطأ، ومن السوي إلى المعوج، ومن السليم إلى السقيم فيجعلهم شيعاً وأحزاباً.


١ حسن عبد العال، التربية الإسلامية في القرن الرابع الهجري، ص (٨٤،٨٥) .
٢ المرجع السابق، ص (٨١) .

<<  <   >  >>