للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٣٣ - لا تُجارِ السفهاء:

فقد يوجد من الطلاب من يؤذي بلحن منطقه، ولا يعينه الدرس بقليل ولا كثير؛ فلربما استثار المعلم، وآذاه بسفالته وسفاهته.

ولهذا كان من الحكمة أن يُعرض المعلم عن هؤلاء وأمثالهم، فلا يجاريهم ولا يمازحهم، ولا يتحدث معهم إلا بقدر ما تدعو إليه الحاجة من سلام، أو رده، أو إجابة لسؤال أو نحو ذلك.

وبهذا يحفظ المعلم على نفسه عزتها؛ إذ يرفعها عن الطائفة التي تلذ المهاترة والإقذاع.

والعرب تقول: إن من ابتغاء الخير اتقاء الشر. (١)

وقال بعض الحكماء:

لا ترجعنَّ إلى السفيه خطابة ... إلا جوابَ تحيةٍ حَيَّاكها

فمتى تحرِّكْه تحركْ جيفةً ... تزداد نَتْنًا إن أردت حراكها

(٢)

ثم إذا ابتليت بسفيه يبتدرك بالسفه فلا تجارهِ في سفه، بل أعرض عنه، وترفع عن سبابه؛ فذلك من شرف النفس، ومما يقطع دابر السفه.

قال بعض الشعراء:

إني لاُعْرضُ عن أشياءَ أسمعها ... حتى يقولَ أناسُ إن بي حُمُقَا

أخشى جوابَ سفيهٍ لا خلاق له ... فَسْلٍ وظنَّ أناسٍ أنه صدقا

(٣)

قال ابن المقفع: واعلم أنك ستبتلى من أقوام بسفهٍ سيطلع منك حقدًا، فإن عارضته أو كافأته بالسفه فكأنك رضيت ما أتى به، فأحببت أن تحتذي على أمثاله.


(١) الأمثال لأبي عبيد ص١٥٩.
(٢) الحلم لابن أبي الدنيا ص٣٢.
(٣) عيون الأخبار ١ / ٢٨٤.

<<  <   >  >>