للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٣٨ - علو الهمة، وكِبَرُ النفس:

فعلو الهمة وكبر النفس خلق عظيم، وغاية نبيلة، تتعشقه النفوس الكريمة، وتهفو إلى التحلي به الفطر القويمة.

وعلو الهمة من الأسس الأخلاقية الفاضلة، وإليه يرجع مجموعة من الظواهر الخلقية كالجد في الأمور، والترفع عن الصغائر، وكالطموح إلى المعالي.

فمما يحسن بالمعلم أن يكون ذا همة عالية، ونفس كبيرة طَمَّاحة، لا ترضى بالدون، ولا تقنع من الخير بالقليل، ولا تقف في السعي للفضائل عند حد؛ فالقناعة إنما تحصل فيما يقيم الجسم، لا فيما يقيم الأمة، وفي أمور المعاش لا في أمور المعاد.

قال يحيى بن معاذ: لو كانت الدنيا تبرًا يفنى، والآخرة خزفًا يبقى -لكان ينبغي للعاقل إيثار الخزف الباقي على التبر الفاني؛ فكيف والدنيا خزف، والآخرة تبرٌ باقٍ؟ . (١)

وإن آية الأمة المهيأة للخير ألا تفرغ من مأثرة إلا لتبدأ مأثرة، ولا تنفض أيديها من عمل إلا تضعها في عمل آخر.

ثم إن عظيم الهمة لا يشغل باله أمر صغير، ولا يقلق فكره عمل يسير، ولا يضيع وقته في مناقشة السفاسف والمحقرات.


(١) تذكرة السامع والمتكلم ص٤٧.

<<  <   >  >>