للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

د - أن في ذلك إرشادًا للمتعلمين، وتربيةً لهم: فإذا رأى المتعلمون من المعلم التوقف فيما لا يعلم -كان ذلك تعليمًا، وإرشادًا لهم؛ كي يسلكوا هذه الطريقة بلا تحرج.

والاقتداء بالأحوال والأعمال أبلغ من الاقتداء بالأقوال؛ فإذا فات المعلم أن يجيب طالبَ العلم عما سأله لم يَفُتْهُ أن يعلمه خلقًا شريفًا وهو ألا يتحدث في العلم إلا عن علم وبصيرة؛ فيسلم بذلك من الإثم، ويرفع مقامه من أن يرمى بضعف الرأي وقلة الأمانة.

قال ابن جماعة: وقيل: ينبغي للعالم أن يورث أصحابه (لا أدري) ؛ لكثرة ما يقولها. (١)

ولهذا فإن المسائل التي قال فيها كبار العلماء (لا أدري) بالغةٌ في الكثرة ما لا يحيط به حساب.

سأل رجل مالك بن أنس عن مسألة وذكر أنه أُرْسِل فيها مسيرة أشهر من المغرب.

فقال: أخبر الذي أرسلك أنه لا علم لي بها، قال: ومن يعلمها؟ قال: من علمه الله.

وسأله آخر عن مسألة استودعه إياها أهل المغرب، فقال: ما أدري ما هي.

فقال الرجل: يا أبا عبد الله، تركت خلفي من يقول: ليس على وجه الأرض أعلم منك.

فقال مالك غير مستوحش: إذا رجعت فأخبرهم أني لا أحسن!.

وقال الكاتبون في سيرته: لو شاء رجل أن يملأ صحيفته من قول مالك: لا أدري لفعل.


(١) تذكرة السامع والمتكلم ص٧٨.

<<  <   >  >>