للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

محمد بن محمد بن إبراهيم بن علان بن عبد الملك بن علي مجدد المئة الثامنة - كما هو مشهور على الألسنة والأفواه الشيخ المحقق الطيبي والخطيب التبريزي صاحب المشكاة، وعلي بن مبارك شاه - البكري الصديقي العلوي سبط آل الحسن، الشافعي، واحد الدهر في الفضائل، المفسر المحدث، مقرئ كتاب صحيح البخاري من أوله إلى آخره في جوف الكعبة، عالم الربع المعمور. كان إذا سئل عن مسألة ألف بسرعة رسالة في الجواب عنها.

ولد بمكة ونشأ بها. قارئا بالقراءات والأوجه، حافظا لسائر الرسائل المنظومات. أخذ النحو عن الشيخ عبد الرحيم بن حسان وعن الشيخ عبد الملك العصامي وعلوم العربية والمعقولات. وأخذ القراءات والحديث والفقه والتصوف عن عمه الإمام العارف بالله أحمد، وعن المحدث الكبير محمد بن محمد بن جار الله بن فهد الهاشمي، والسيد محمد بن عبد الرحيم البصري والصدر السعيد كمال الإسلام عبد الله الخجندي. وروى البخاري إجازة عن الولي جلال الدين عبد الرحمن بن محمد الشربيني العثماني الشافعي، وعن العلامة الحسن البوريني الدمشقي، وعن الشيخ عبد الرحمن النحراوي المصري، وعن محمد حجازي الواعظ.

جلس للتدريس وعمره ثماني عشرة سنة، وأفتى وسنه أربع وعشرون سنة. وكان شبيها بالجلال السيوطي في معرفة الحديث وضبطه ومصطلحه وعلله وأسانيده. قال عبد الرحمن الخياري: كان سيوطي زمانه. وحكى تلميذه الفاضل محمد النبلاوي الدمياطي نقلاً عنه أنه رأى النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو يعطي الناس عطايا، فقيل: يا رسول الله، وابن علان، فأخذ يحثو له بيده الشريفة حثيات. وقال المترجم أيضا: أخبرني بعض الصالحين عن بعضهم في عام سبع وثلاثين وألف أنه رأى النبي صلّى الله عليه وسلّم ليلة السادس والعشرين من رجب على ناقته عند الحجون سائرا إلى مكة فقبل يده الكريمة وقال: يا سيدي، يا رسول الله، الناس قصدوا حضرتك الشريفة للزيارة فلماذا وصلت؟ قال: لختم البخاري، أو لختم ابن علان شك الرائي، ثم يوم الختم الثامن العشرين من رجب ذلك العام حضر الصالحون فحصلت له واقعة رأى خيمة خضراء بأعلى ما بين السماء والأرض فسأل فقيل له: هذا النبي صلّى الله عليه وسلّم حضر لختم البخاري. وقرأ البخاري في جوف الكعبة أيام بنائها سنة تسع وثلاثين وألف لما انهدمت من جهة الحطيم وكان سبب هدمها مجيء السيل، فقارب ختمه وكان البناؤون فيه جعلوا لهم سترا حال التعمير فخطر له أن يدخله ويختم فيه ويشرب فيه القهوة ففعل، فوشى به بعض أعدائه للشريف وقالوا له: إنه قد جعل بيت الله حانة للقهوة فأحضره وحبسه وأراد أن يوقع به فعلا فأخذ يتلو القرآن ويتوسل إلى الله ببيته أن يكشف عنه هذا الكرب، فاتفق أن الشريف كان قام لصلاة المغرب وهو بقصره فاهتز القصر فظن السامعون أنها زلزلة وقعت، فنادى الشريف وزيره وسأله عن الأمر فأجابه بأنها كرامة للشيخ ابن علان، فقال: السبي إلى أخذ خاطره إطلاقه هذه الساعة فناداه إليه، واستعفى عما فعل به وأنعم عليه، فاعتذر ابن علان بأن ما وقع منه كان هفوة، ولما كان الصباح وجده أعداؤه طائفا بالبيت وكانوا يظنون غير ذلك. وصنف في جواز التدريس داخل البيت مصنفا حافلا.

<<  <   >  >>