للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المناخ والزراعة]

منذ أقدم العصور كان الزارع والراعي يخضعان خضوعًا تامًّا لرحمة الظروف المناخية، ولا يزال هذا هو حالهما في الوقت الحاضر؛ إذ إن المناخ هو المتحكم الأول في توزيع الحياة النباتية والحيوانية في العالم، فلا يمكن مثلًا أن تنجح زراعة غلة مثل القمح على نطاق واسع في الأقاليم الاستوائية ذات الأمطار الغزيرة طول العام، أو أن تنتشر زراعة الكاكاو أو المطاط في الأقاليم الباردة، فلكل نبات ظروفه المناخية التي تلائمه والتي لا يجود إلا فيها، وهكذا تحددت مناطق الإنتاج الزراعي سواء في ذلك إنتاج المواد الغذائية أو إنتاج المواد الأولية اللازمة للصناعة، وتحددت تبعًا لذلك طرق التجارة ومناطق الإنتاج والاستهلاك.

ويتحكم المناخ فضلًا عن ذلك في نظام الزراعة في المنطقة الواحدة فهو الذي يفرض على الزارع أن يتبعوا نظمًا خاصة في توزيع محصولاتهم على فصول السنة، ومن الطبيعي أن يكون تحكم المناخ في الإنتاج الزراعي أقوى في الأقاليم التي تعتمد الزراعة فيها على المطر منه في الأقاليم التي تقوم الزراعة فيها على الري، فكثيرًا ما يؤدي نقص الأمطار في سنة من السنين إلى فشل الزراعة أو فقر المرعى مما يترتب عليه حدوث مجاعات خطيرة، كما يحدث كثيرًا في بعض مناطق أستراليا والهند وشمال إفريقية وغيرها من المناطق التي تتغير كمية الأمطار التي تسقط فيه تغيرًا كبيرًا من سنة إلى أخرى، وقد يحدث العكس تمامًا في بعض الأحيان فتزايد الأمطار بدرجة يتلف معها الزرع ويتعذر الحصاد، فيهبط المحصول هبوطًا كبيرًا، كما يحدث كثيرًا في مناطق زراعة القمح بغرب

<<  <   >  >>