للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحراري تتباعدان تبعًا لذلك. ففي بلدة المالاكال التي تقع إلى الجنوب من الخرطوم بنحو ٦ درجات عرضية تظهر القمة الحرارية الأولى قبل نظيرتها في الخرطوم بحوالي ثلاثين يومًا، كما تظهر القمة الثانية بعد نظيرتها في الخرطوم بنفس المدة تقريبًا، إلا أن القمة الثانية في الماكال لا تكون واضحة بدرجة وضوحها في الخرطوم بسبب كثرة المطر وزيادة رطوبة التربة وكثافة الغطاء النباتي ووجود كثير من المسطحات المائية، وتلعب التضاريس دورًا مهمًّا في توزيع الحرارة، ولا يقتصر أثرها على التناقص الذي يحدث عادة بالارتفاع، بل إن هذا الأثر يظهر كذلك بأشكال أخرى من بينها التأثير الذي يحدثه نسيم الجبل ونسيم الوادي، والتأثير الذي يحدث انضغاط الهواء عند هبوطه على جوانب الجبال أو ارتفاعه عليها حيث يسخن في الحالة الأولى لانضغاطه، كما هي الحال بالنسبة لرياح الفهن المشهورة، بينما يبرد في الحالة الثانية نتيجة لتخلخله عند اندفاعه إلى أعلى.

وتحدث ظاهرة "الفهن" في معظم المناطق الجبلية في الوطن العربي مثل المنحدرات الشمالية لجبال طرابلس في ليبيا، فعندما تهبط الرياح الصحراوية على هذه المنحدرات في بعض أيام الربيع ترتفع درجة الحرارة في السهول المجاورة لها إلى أكثر من ٥٠ ْم. وقد سجلت في هذه السهول بالفعل درجات حرارية لا تعادلها في الارتفاع إلا الدرجات التي سجلت في وادي الموت بكاليفورنيا، وقد وصلت درجة الحرارة في بلدة العزيزية الواقعة في سهل الجفارة إلى الشمال من حافة جبال طرابلس بليبيا في أحد الأيام إلى ٥٦ ْم، وتتكرر نفس الظاهرة تقريبًا في المناطق الجبلية الأخرى وأهمها جبال أطلس وجبال لبنان.

وتلعب الأودية التي تقطع الجبال دورًا مهمًا في توجيه الرياح، التي تؤثر بدورها تأثيرًا واضحًا على درجة الحرارة، كما أن اتجاه المنحدرات الأودية له علاقة مباشرة بتوزيع الإشعاع الشمسي سواء على امتداد ساعات النهار أو على امتداد أشهر السنة.


١ عبد العزيز طريح شرف "١٩٦٢" جغرافية ليبيا – الإسكندرية ص٦١١.

<<  <   >  >>