للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

...بقي قول الليث وأحمد وإسحق وأبي عبيد بحصر القضاء في صوم النذر. فأقول ما يلي: إن جواز القضاء في صوم النذر ورد في الأحاديث الصحيحة فهو قول صحيح ولكنَّ حصرَ القضاء به هو الخطأ والخطأ عندهم آتٍ من حمل الأحاديث القائلة بالقضاء بشكل عام على الأحاديث القائلة بالنذر، فخرجوا بقولهم هذا.

والصحيح أن الأحاديث القائلة بالقضاء على العموم لا تخصِّصها ولا تقيِّدها الأحاديثُ القائلة بالقضاء في النذر، إذ لم تأت الأحاديث الآمرة بالقضاء في النذر مخصِّصة للأحاديث القائلة بعموم القضاء، وإنما جاءت تذكر حالة من حالات القضاء أي هي جاءت تذكر فرداً من أفراد العموم ولم تأت مخصِّصةً. فالصوم عن الميت جائز وهذا قول عام، ومن هذا العام الصوم في النذر، ومن هذا العام الصوم في الكفَّارات، وهناك فارق بين ذِكر فردٍ من أفراد العموم وبين تخصيص هذا العموم. قال ابن حجر [وقال الليث وأحمد وإسحق وأبو عبيد: لا يُصام عنه إلا النذر، حَمْلاً للعموم في حديث عائشة على المقيد في حديث ابن عباس وليس بينهما تعارضٌ حتى يُجمَع بينهما فحديث ابن عباس صورة مستقلة، سأل عنها من وقعت له، وأما حديث عائشة فهو تقرير قاعدةٍ عامةٍ وقد وقعت الإشارة في حديث ابن عباس إلى نحو هذا العموم، حيث قال في آخره (فدَينُ الله أحقُّ أن يُقضَى) ] ومن ذلك يتبين أن القول بحصر القضاء عن الميت في النذر هو خطأ، وأن الصواب هو تعميمُه وإطلاقُه في كل صوم.

كيف ومتى يُقضى الصوم؟

يصح قضاء الصوم متتابعاً كما يصح مفرَّقاً دون تفضيلٍ لأحدِهما على الآخر، ويصح أن يُقضَى الصومُ عقبَ رمضان بعد العيد مباشرة كما يصح أن يؤخَّر إلى شهر شعبان قُبَيلَ رمضان التالي، فكل ذلك جائز ومُجْزِيءٌ ولا إثم فيه، والدليل على كل

<<  <   >  >>