للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد حكى الخطابي الإجماع على عدم وجوب الوتر، ويبدو أنه نسي أو كان يجهل رأي أبي حنيفة القائل بوجوب الوتر. قال الشوكاني (وقد ذهب الجمهور إلى أن الوتر غير واجب بل سُنَّة، وخالفهم أبو حنيفة فقال إنه واجب) . وقال ابن المنذر ( ... وهو قول عوام أهل العلم غير النعمان، فإنه خالفهم وزعم أن الوتر فرض) . قول ابن المنذر عوام أهل العلم غير النعمان: يعني عموم أو عامة أهل العلم باستثناء أبي حنيفة.

وقد حث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثيراً على صلاة الوتر، مما يجعل هذه الصلاة تتمتع بفضل عظيم، ويكاد الوتر يعدل في الفضل ركعتي الفجر، أي سُنَّة الصبح، فالحديث الثالث - حديث بُريدة الأسلمي المار قبل قليل - يدل على ما للوتر من فضل. وأيضاً، عن عليٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «يا أهل القرآن أوتروا فإن الله عزَّ وجلَّ وِترٌ يحب الوتر» رواه أحمد وأبو داود. ورواه ابن خُزَيمة وابن ماجة، كلاهما بلفظ «قال علي بن أبي طالب: إن الوتر ليس بحتم ولا كصلاتكم المكتوبة، ولكنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوتر، ثم قال: يا أهل القرآن أوتروا فإن الله وتر يحب الوتر» . وعن خارجة ابن حُذافة العَدَوي رضي الله عنه قال «خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن الله قد أمدَّكم بصلاة لهي خيرٌ لكم من حُمر النَّعَم، جعله الله لكم فيما بين صلاة العشاء إلى أن يطلع الفجر» رواه ابن ماجة والبيهقي والحاكم. قوله حُمر النَّعَم: أي الطائفة من الإبل.

أما وقت الوتر فهو وقت موسَّع، يمتدُّ من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، فقد مرَّ قبل لحظات حديث ابن ماجة والبيهقي وفيه « ... جعله الله لكم فيما بين صلاة العشاء إلى أن يطلع الفجر» . وروى أبو بصرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «إن الله زادكم صلاة وهي الوتر، فصلوها فيما بين صلاة العشاء إلى صلاة الفجر ... » رواه أحمد والطبراني.

<<  <  ج: ص:  >  >>