للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقال أيضاً صلاة الليل، كما يقال التهجد، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا المُزَّمِّلُ. قُم الليْلَ إلا قَلِيْلاً} الآيتان ١، ٢ من سورة المزمل، وقال سبحانه {ومِن الليْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَىْ أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامَاً مَحْمُوْدَاً} الآية ٧٩ من سورة الإسراء. وقد مرَّ في بحث [الوتر] حديث ابن عمر رضي الله عنه «أن رجلاً سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة الليل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: صلاةُ الليل مَثْنى مَثْنى..» رواه البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود والترمذي.

ونحن لسنا في حاجة لإطلاق التهجُّدِ على صلاة الليل إن كانت بعد نومٍ كما يرى ذلك عدد من الفقهاء، مستدلين على ذلك بأن التهجد والهُجود لغةً يعني النوم، من هجد يهجد إذا نام، ولهذا قالوا: التهجد لا يكون إلا بعد نومٍ من الليل، فإذا صلى بعد العشاء قبل أن ينام فإن صلاته لا تكون تهجداً. نعم نحن لسنا في حاجة لهذا التقييد، أولاً لأن حُكم التهجد هو حُكم صلاة الليل نفسه دون فارق بينهما، وثانياً لأن كلمة هجد يهجد كما أنها تعني نام ينام، فإنها تعني أيضاً سهر يسهر، فهي من الأضداد، وبذلك يصح إطلاق التهجد على الصلاة قبل النوم كما يصح إطلاقه عليها بعد النوم.

أما فضل قيام الليل فهو عظيم لا يفوقه سوى فضل الصلوات المكتوبة فحسب، فقيام الليل أفضل صلوات التطوع بما فيها السنن الرواتب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرَّم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل» رواه الترمذي. وفي رواية من طريق أبي هريرة رضي الله عنه قال «سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ قال: الصلاة في جوف الليل، قيل: أي الصيام أفضل بعد رمضان؟ قال: شهر الله الذي تدعونه المحرَّم» رواه أحمد ومسلم والنَّسائي.

<<  <  ج: ص:  >  >>