للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما عن التسليم، فقد ذكر ابن أبي شيبة وعبد الرزاق عن عدد من التابعين أنهم كانوا إذا فرغوا من سجدة التلاوة سلَّموا، ولم أقف على حديثٍ مرويٍ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أحد من صحابته عن شئ من هذا، لا نفياً ولا إثباتاً، ولكن حيث أن سجدة التلاوة هي صلاة، ولها تكبيرة الإحرام، فإن الأصل أن يكون لها تحليلٌ من الإحرام بالتسليم، وقد مرَّ حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «مفتاح الصلاة الطُّهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم» رواه أحمد والترمذي. أُنظروا بحث [حكم تكبيرة الإحرام] فصل [صفة الصلاة] . ومما يدل كذلك على أن سجدة التلاوة صلاة وأنها بالتالي تأخذ حكم الصلاة في التسليم ما مرَّ قبل قليل عن زيد بن أسلم « ... ولكنك كنت إمامنا فيها، فلو سجدت لسجدنا» رواه ابن أبي شيبة وغيره. فقارئ القرآن إذا سجد ائتمَّ به الحاضرون، واتخذوه إماماً فسجدوا معه، ولا يكون ذلك لولا أن سجدة التلاوة صلاة.

ويترتَّب على هذا أن هذه السجدة يلزمها الوضوء والطهارة الكاملة في البدن والثوب والموضع كسائر الصلوات، كما يلزمها استقبال القِبلة لأنها صلاة، إلا أن يكون راكباً فلا بأس بعدم الاستقبال، كسائر صلوات التطوُّع إن هي أُدِّيت على الدابة، أو في السيارة أو في السفينة، أو في الطائرة أو في غير ذلك.

أما في أوقات النهي فإن سجدة التلاوة جائزة لأنها صلاة لها سبب، ويكون وقت هذه السجدة عند القراءة حيثما حصلت، مثلها مثل تحية المسجد وصلاة الكسوف مثلاً.

م. سجدة الشكر وصلاة الشكر

<<  <  ج: ص:  >  >>