للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في هذه النصوص أمران: أحدهما أن الرجل المأموم واسمه حرام بن ملحان قد قطع صلاته مع الإمام معاذ لعذر التطويل بالقراءة، وكان حرام مستعجلاً يريد سقي نخله، فلما طالت صلاة معاذ قطعها حرام وأتمَّ الصلاة منفرداً. والأمر الثاني أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - عنَّف معاذاً ولم يعنِّف حراماً. فهذان الأمران يدلان على جواز قطع صلاة الجماعة لعذر.

الصلاةُ جماعةً في المسجد مرتين

يجوز أن تُعقد في المسجد الواحد صلاتان أو أكثر جماعةً إحداها تعقب الأخرى، ويجوز لمن صلى جماعة في الأولى أن يدخل في صلاة الجماعة الأخرى، وتحتسب له صلاته الأخرى نافلة، تماماً كمن صلى منفرداً أولاً ثم دخل في صلاة الجماعة، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبصر رجلاً يصلي وحده فقال: أَلا رجلٌ يتصدق على هذا فيصلي معه؟» رواه أبو داود وابن حِبَّان والحاكم وابن خُزَيمة والترمذي. وقد سبق في بحث [تنعقد الجماعة بإمام ومأموم واحد] المارِّ قبل قليل. ورواه أحمد بلفظ «أن رجلاً دخل المسجد وقد صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مَن يتصدق على هذا فيصلي معه؟ فقام رجل من القوم فصلى معه» . فالناس الذين كانوا في المسجد كانوا قد صلوا جماعة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكانت الصلاة صلاة الظهر كما جاء مصرَّحاً به في روايةٍ لأحمد، فجاء الرجل بعد فراغ المسلمين من صلاة الجماعة، فقام يصلي وحده، فطلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أحد أصحابه ممن كانوا قد صلوا معه جماعة أن يأتمَّ بهذا الرجل فيصلي معه جماعةً، وهكذا يكون الصحابي قد صلى مرتين جماعةً في مسجدٍ واحدٍ بأمرٍ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فدل ذلك على جواز عقد صلاتين جماعةً في مسجد واحد لصلاة واحدة. وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه «أن معاذ بن جبل رضي الله عنه كان يصلي مع رسول

<<  <  ج: ص:  >  >>