للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أ - النبيذ: هو منقوع التمر، وذلك أنهم ينبذون حباتٍ من التمر في إناء فيه ماء في المساء ويتركونه حتى الصباح، ثم يدعكونه ويفرُكونه في الماء، ثم يُصفُّونه، يصنعون منه شراباً حلواً فهذا هو النبيذ. فهو ماء وتمر لا غير، وإذا استمر المزيج فوق يومين أو ثلاثة أيام خاصةً في الجو الحار صار يَنِشُّ، أي صار له نشيشٌ وتخمَّرَ، وخرجت منه رائحة نفاذة، فإذا حصل ذلك صار خمراً وبطل كونه نبيذاً، وآنذاك يُراق ولا يستعمل لنجاسته وحرمته.

وبهذا الوصف والشرح يتضح أن النبيذ طاهر وليس نجساً، والرسول عليه الصلاة والسلام والصحابة كانوا يصنعونه ويشربونه، فعن أنس قال «لقد سقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقدحي هذا الشراب كلَّه: العسل والنبيذ والماء واللبن» رواه مسلم. وهذا معلوم لدى جميع الأئمة والفقهاء، حتى إن أبا حنيفة والحسن والأوزاعي وعكرمة وإسحق يُجيزون الوضوء به لشهرة طهارته وحِلِّه، وبذلك لا يكون هناك أدنى شك في طهارة النبيذ. أما إن هو تخمَّر بطول المُكْث حتى صار خمراً فقد خرج عن كونه نبيذاً وصار آنذاك خمراً نجسة. أي أنه لا يكون نجساً ما دام نبيذاً، فلعلَّ مَن اعتبروه نجساً إنما عنَوْا به النبيذ بعد التَّخمُّر، أو لعلهم عَنَوْا به صنفاً من الخمر الموجودة الآن تحت اسم النبيذ، فهذا وذاك نجسان.

<<  <  ج: ص:  >  >>