للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخلاصة هي أن مس المصحف يحتاج إلى وضوء وليس فقط إلى رفع الحدث الأكبر الذي هو موضوع بحثنا. وقد اتفق العلماء على أنه لا يجوز للمحدث حدثاً أكبر أن يمسَّ المصحف، ولم يخالف في ذلك سوى داود. أما الذين اشترطوا لمس المصحف أن يكون طاهراً من الحَدَثين معاً فهم: علي وابن مسعود وسعد وسعيد وابن عمر والحسن وعطاء وطاووس والقاسم بن محمد ومالك والزُّهري والحكم وحماد والشافعي وأصحاب الرأي وأحمد. وقال ابن قُدامة (ولا نعلم مخالفاً لهم إلا داود فإنه أباح مسَّه، واحتج بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب في كتابه آية إلى قيصر. وأباح الحكم وحماد مسَّه بظاهر الكف لأن آلةَ المس باطنُ اليد فينصرف النهي إليه دون غيره) .

أما الحكم وحماد فهما مع القائلين بعدم جواز المسِّ إلا أنهما قصراه على باطن اليد دون ظاهرها. أما دليل داود فهو ضعيف جداً لأننا نتحدث عن مس المصحف وليس عن مسِّ ورقة فيها آية أو بضع آيات، والمصحف كلمة لها دلالة معلومة، فما كان مصحفاً حرم مسه دون وضوء، وما لا فلا، فتخرج كتب التفسير وكتب الفقه رغم ما فيها من آيات من القرآن لأنها ليست مصاحف فيجوز مسُّها، وكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهرقل ليس مصحفاً فجاز مسُّه، وكلامنا كله هو في مسِّ المصحف دون سواه، فما سوى المسِّ يجوز على إطلاقه فالنظر إليه وحمله بعلاَّقة ومسُّه بعود كل ذلك جائز، وهو رأي أبي حنيفة وابن قدامة، ورُوي عن الحسن وعطاء وطاووس والشعبي والقاسم والحكم وأبي وائل وحماد. ومنعه الأوزاعي ومالك والشافعي قياساً للحمل على المسِّ وتعظيماً للقرآن، ولا يصح قياسهم، لأن حمله بعلاَّقة ومسَّه بعود لا يشاركان المسَّ في العلة، ثم هما فعلان لا ينافيان التعظيم للقرآن. وفي مسِّ طلاب المدارس رأيان أرجحهما عندي المنع إلا إن كانوا دون البلوغ فلا بأس لأنهم غير مكلفين.

٨- ورد في قراءة الجُنُب للقرآن الكريم حديثان هما:

<<  <  ج: ص:  >  >>