للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد أطلقت الأحاديث لفظة الوضوء على التيمُّم، فهو وضوء لا يختلف عنه إلا بأن وجدان الماء ناقض له، فقد جاء الحديث بلفظ «فإذا وجدت الماء فأمِسَّه جلدك» ومعنى ذلك أنه يظل متيمِّماً أي طاهراً ما دام الماء مفقوداً، ولو كان خروج وقت الصلاة ناقضاً لذُكر هنا، فلما لم يُذكر دل ذلك على عدم وجوده، ثم إن الأصل في التيمُّم أنه قائم مقام الوضوء في جميع أحكامه، فلا يخرج عن ذلك إلا بدليل. والوضوء لا ينتقض بخروج وقت الصلاة، ويجوز قبل دخول الوقت، فكذلك التيمُّم، إلا أن يُؤتَى بدليل صالح. وليس من الأدلة الصالحة ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال «من السُّنَّة أن لا يصلِّي الرجل بالتيمُّم إلا صلاة واحدة ثم يتيمَّم للصلاة الأخرى» رواه الدارقطني وعبد الرزاق والبيهقي. أو ما روي عن علي رضي الله عنه قوله «يتيمَّم لكل صلاة» رواه الدارقطني والبيهقي، لأن الحديث الأول مرويٌّ من طريق الحسن بن عمارة وهو ضعيف وقال بعضهم: متروك. وأما قول علي فهو مروي من طريق الحارث الأعور والحارث ضعيف بل كذبه بعضهم، قال البيهقي (إسناده ضعيف) ومثلهما ما رُوي عن ابن عمر أنه كان يتيمَّم لكل صلاة كما رواه عنه الدارقطني والبيهقي، فإن فيه عامر الأحول عن نافع، وعامر ضعَّفه ابن عُيينة وأحمد، وفي سماعه من نافع نظر، وقال ابن حزم (الرواية فيه عن ابن عمر لا تصح) .

وجدانُ الماء بعد فقده

أبنَّا من قبل أن التيمُّم كالوضوء باستثناءٍ واحد هو أن وجدان الماء من بعد فقده ينقض التيمُّم، إلا أن الأئمة والفقهاء قد اختلفوا في هذا الناقض من حيث التوقيت: هل وجدان الماء عقب أداء الصلاة وقبل خروج الوقت يبطل التيمُّم والصلاة ويوجب الإعادة؟ وهل وجدان الماء في أثناء الصلاة مبطلٌ للتيمُّم وللصلاة وموجبٌ للانصراف عنها وإعادتها؟ وهل وجدان الماء قبل الصلاة مبطلٌ للتيمُّم وموجبٌ للوضوء للصلاة؟ أم أن التيمُّم باق وتصح الصلاة به؟.

<<  <  ج: ص:  >  >>