للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقتال المسلم والطعن في النسب والنياحة على الميت وادّعاء الشخص لغير أبيه وكتمان العطاء وجحود المرأة فضل زوجها وإحسانه هي بلا شك معاصٍ فحسب وليست أفعالاً تُخرج من الملة، وما إطلاق الكفر عليها إلا لمجرد التغليظ الشديد عليها. وقد أُستُعملت لفظة الكفر هنا بمعناها اللغوي وتعني السّتر والغطاء، يقال كفر الشّئ إذا ستره وغطاه، ويقال كفر الزارع البذر بالتراب إذا غطّاه، وقد ورد استعمال هذه اللفظة في كتاب الله بهذا المعنى، فقال تعالى {وَعَدَ اللهُ الذّينَ آمنوا مِنْكمْ وَعَمِلوا الصّالحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهمْ في الأرضِ ... ومنْ كَفَرَ بعْدَ ذلك فَأولئِكَ هُمُ الفَاسِقون} الآية ٥٥ من سورة النور. فقوله - ومن كفر - فسّرها المفسرون بأنها كُفر النعمة، وقال سبحانه {أَفَبِالباطِلِ يؤْمِنون وَبِنِعْمَةِ اللهِ همْ يكْفُرون} الآية ٧٢ من سورة النحل. فسّرتها الآية التي قبلها { ... أَفَبِنِعْمَةِ اللهِ يَجْحَدون} .

فالكفر يطلق على الخروج من الملّة، وقد يطلق على أفعالٍ محرّمة لا تُخْرِجُ من الملّة، والقرينةُ هي التي تحددُ أيّاً من المعنيين هو المقصود، وحيث أن النصوص التي وصفت ترك الصلاة بأنهُ كفر قد وُجِدت قرينةٌ منها تصرفها إلى المعنى اللغوي فحسب، وهي التي ذكرناها سابقاً، فإنه لا يصح معها أن نعتبر ترك الصلاة خروجاً من الملة، وأن من اعتبروا ترك الصلاة كفراً إنما أخطأوا فيما ذهبوا إليه.

الصلوات المكتوبة ومواقيتها

<<  <  ج: ص:  >  >>