للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخيراً أعود لحديث نعيم المُجْمِر ثانية، فقد وجدتُ في صحيح ابن حِبَّان رواية لهذا الحديث كالتالي «صليت وراء أبي هريرة فقال بسم الله الرحمن الرحيم، ثم قرأ بأم الكتاب، حتى إذا بلغ غير المغضوب عليهم ... » . فقد جاء في الحديث قوله «فقال بسم الله الرحمن الرحيم» وعقَّب عليه بقوله «ثم قرأ بأم الكتاب» فالبسملة قالها والفاتحة قرأها، فهذا التفريق بين تلاوة البسملة وتلاوة الفاتحة يدل على اختلاف الصوت بينهما، وما دام أن الفاتحة يُجهَر بها - وهنا عبَّر عن الجهر بالقراءة - فإن البسملة لم يُجهر بها، لأنه لم يقل إنه قرأ بها واكتفى بالقول إنه قالها، وذلك يعني المغايرة بينهما، فلم يبق إلا الإسرار بها، وهذه نقطة سادسة في الرد على حديث نعيم مما يجعله غير صالح للاستدلال على الجهر بالبسملة في الصلاة.

قراءةُ الفاتحة في الصلاة

تجب قراءة الفاتحة في كل ركعة من ركعات الصلاة لا فرق بين ثنائية وثلاثية ورباعية، ولا بين مكتوبة ونافلة، ولا بين إمام ومأموم ومنفرد في سِرية أو جهرية. فالفاتحة - وتُسمى أيضاً أُمَّ القرآن - تجب قراءتها في كل صلاة في كل ركعة، ومن لم يقرأها في صلاته فصلاته باطلة تجب عليه إعادتها، فقد وردت نصوص صريحة قطعية الدلالة على ذلك: فروى عُبادة ابن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» رواه البخاري ومسلم وأحمد. وأصرح منه في الدلالة ما رواه الدارقطني من طريق عبادة بن الصامت بسند صحيح بلفظ «لا تُجزئ صلاةٌ لا يقرأ الرجل فيها بفاتحة الكتاب» . وروى ابن حِبَّان من طريق أبي هريرة الحديث بلفظ «لا تجزئ صلاةٌ لا يُقرَأُ فيها بفاتحة الكتاب، قلت: وإن كنت خلف الإمام؟ قال فأخذ بيدي وقال: اقرأ في نفسك» . فأي ادعاء بغير ذلك فهو معارِضٌ للنصوص قطعية الدلالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>