للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولست أريد هنا الخوض في أبحاث العقيدة فأُناقش الرأيين المتعارضين بخصوص سور القرآن الكريم في المصحف، هل ترتيبها توقيفي أم اجتهادي من الصحابة، لأن مجال هذا البحث في غير هذا الموضع، وإنما أكتفى بالقول إن المسلم غير مقيَّد بترتيب سور القرآن في المصحف لدى تلاوته لها في صلاته، فلا تلزمه قراءة السور حسب ترتيبها في المصحف، بل تصح له قراءة سورة الإخلاص مثلا في الركعة الأولى ثم قراءة سورة الكوثر في الثانية، وسورة العصر في الأولى، وسورة الانشراح في الثانية، ويستطيع أن يقرأ في ركعة واحدة سورة تبارك ثم سورة يس ثم سورة الكهف مثلا، والدليل على ذلك حديث حذيفة عند مسلم، وقد مرَّ وجاء فيه «فافتتح البقرة ... ثم افتتح النِّساء ... ثم افتتح آل عمران» على خلاف ترتيب هذه السور في المصحف.

أما الذي لا يجوز فعله فهو قراءة القرآن منكَّساً، بمعنى أن تقرأ آية ثم تقرأ الآية التي قبلها لا التي بعدها، ثم تقرأ الآية التي قبلها وهكذا، فهذه القراءة حرام لا تجوز في الصلاة ولا في غير الصلاة، لأن ترتيب الآيات في سور القرآن توقيفي قطعاً باتفاق المسلمين لا تجوز معارضته ولا مخالفته.

[قراءة القرآن في الصلوات الخمس]

إن ما ورد في الأحاديث النبوية الشريفة مما كان يقرأه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصلوات الخمس يدل على أنه ليست هناك سُنَّةٌ ثابتة في اختيار الآيات القرآنية لكل صلاة، لذا فإن المسلم بالخيار بين قراءة هذه السورة أو تلك في هذه الصلاة أو تلك، فليست أية سورة من سور القرآن الكريم بأفضل من أختها لصلاةٍ دون صلاة، يدل على ذلك أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في الصلاة الواحدة كالمغرب مثلاً بقِصار المُفَصَّل تارة، وبالسور الطويلة تارة أخرى، مما ينفي اختصاص أية صلاة مكتوبة بسورٍ معينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>