للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يراه هذا الفريق من أن الكلام الذي يحصل جهلاً لا يبطل الصلاة، وأن الكلام المتعمَّد هو المُبطل فحسب، فالرد عليهم بأن الذي يبطل الصلاة يبطلها في حالتي العمد والجهل بدلالة حديث المسئ صلاته، فإنه صلى ثلاث مرات جهلاً بمبطلات الصلاة فلم ينفعه جهله وبطلت صلاته، مما يدل دلالة مؤكدة على أن مبطلات الصلاة تبقى مبطلات في حالتي العلم والجهل على السواء. ولهذا فلو كان الكلام من المبطلات لكان أبطل صلاة معاوية بن الحكم، لأن الجهل لا يغني شيئاً بخصوص المبطلات كما أثبتنا، فلما عَلِمنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أبطل صلاة المسئ صلاته رغم أنه صلى جاهلاً، وعلمنا أنه عليه الصلاة والسلام لم يبطل صلاة معاوية بن الحكم الذي تكلم جاهلاً، أدركنا أن ما فعله المسئ صلاته مغايرٌ ومختلفٌ عما فعله معاوية بن الحكم بلا شك، وهذا الاختلاف لا يدلُّ إلا على أنَّ المُسئ صلاتَه قد فعل ما يبطل الصلاة، وأنَّ معاوية ابن الحكم لم يفعل إلا حراماً دون أن يصل ذلك إلى درجة المبطلات، وهذا يعني أن الكلام ليس من مبطلات الصلاة، وأن فعل الحرام في الصلاة لا يبطلها.

وبذلك يتضح أن الاستدلالات التي استدل بها هذا الفريق غير صحيحة، وأن الرأي الذي يقولون به من أن الكلام يبطل الصلاة، هو رأي غير صحيح. فلم يبق لنا إلا أن نقول إن الكلام هو من المُحرَّمات فحسب في الصلاة، وأن فعل الحرام في الصلاة ينقصها فحسب ولا يبطلها.

٢ــ الخشوعُ في الصلاة

<<  <  ج: ص:  >  >>