للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمشي إلى الصلاة يكون بخشوع وسكينة، وعدم ركض واستعجال، وما يتبع ذلك من جلبة وحركات إضافية، وكأنه في صلاة، فقد روى كعب بن عُجْرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «إذا توضأ أحدُكم فأحسن وضوءَه، ثم خرج عامداً إلى المسجد فلا يشبكنَّ بين أصابعه، فإنه في صلاة» رواه الترمذي. ورواه ابن حِبَّان وفيه «فلا يشبكنَّ يده» . ورواه أبو داود وفيه «فلا يشبكنَّ يديه» . فإذا كان المشي لا يتناقض مع السكينة فإن الحركات القليلة في الصلاة لا تتناقض مع السكينة هي الأُخرى، وإنما يتناقض معها العبث واللهو والحركات الصاخبة والأعمال غير اللازمة. فالخشوع واجب في الصلاة، ومع وجوبه والالتزام به فإن المصلي يستطيع الإتيان بأعمال قليلة بتأنٍّ وهدوء، وبقدر الحاجة فحسب ولا إثم في ذلك. وهذا كلُّه متعلق بالخشوع في الجوارح.

أما الخشوع في القلب فإن انشغال الذهن في الصلاة بأمر من الأمور، وطروءَ أفكارٍ على ذهنه لا يتنافى مع خشوع القلب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «إن الله عزَّ وجلَّ تجاوز لأمتي عما حدَّثت به أنفُسَها، ما لم تعمل أو تتكلم به» رواه مسلم. ورواه ابن خُزَيمة بلفظ « ... ما لا ينطق به ولا يعمل به» . وعن عقبة رضي الله عنه قال «صليت وراء النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة العصر فسلم، ثم قام مسرعاً فتخطى رقاب الناس إلى بعض حُجَر نسائه، ففزع الناس من سرعته، فخرج عليهم فرأى أنهم عجبوا من سُرعته فقال: ذكرتُ شيئاً من تِبْرٍ عندنا، فكرهت أن يحبسني، فأمرت بقسْمتِه» رواه البخاري وأحمد والنَّسائي. قوله من تِبْر: أي من ذهب لم يُصهر بعد. والأمر من الوضوح والبيان بحيث لا يحتاج إلى مزيد أدلة.

الأفعالُ والحالات المنهيُّ عنها في الصلاة

<<  <  ج: ص:  >  >>