للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الجاهلية. فقد كان للفرزدق رواة أحدهم رجل من بني ربيعة بن مالك -وهم الذين يقال لهم ربيعة الجوع- ويبدو أن هذا الراوية كان يروي عامة شعر الفرزدق، بينما كان راوية آخر لا يروي من شعر الفرزدق إلا ما كان هجاء أو نقضًا لقصائد جرير وغيره من الشعراء، وكان اسم هذا الراوية عبيدًا وهو أحد بني ربيعة بن حنضة١. وبقي لنا من أسماء رواة جرير اسم واحد هو الحسين، وكان يكتب شعر جرير، وروى عنه العلماء بعض أخباره٢. وكان السائب بن ذكوان راوية كثير عزة٣. وأما راوية الكميت بن زيد الأسدي فهو محمد بن سهل٤. وكان كذلك للأحوص راويته٥، ولذي الرمة راويته٦.

وربما اجتمع بعض هؤلاء الرواة يتناشدون أشعار شعرائهم ويتفاخرون بها، كما حدث حين اجتمع بالمدينة راوية جرير، وراوية نصيب، وراوية كثير، وراوية جميل، وراوية الأحوص، وادعى كل رجل منهم أن صاحبه أشعر٧.

ولسنا في حل من الإسهاب في الحديث عن هؤلاء الرواة في العصر الأموي، فأخبارهم مستفيضة، وهي موجودة في مظانها التي أشرنا إليها. وإنما ذكرناهم هذا الذكر العابر العارض، لنستأنس به على أن رواة الشاعر كان أمرًا موروثًا وعادةً موصولةً منذ الجاهلية، وإن كان كتب الأدب العربي وتاريخه تسعفنا بوفرة من الأخبار عن العصور الإسلامية ثم تشح كلما استعنَّا بها في العصر الجاهلي.

ومع ذلك فقد بقي لنا من أسماء رواة الشعراء الجاهليين اسم راوية الأعشى، أو أسماء ثلاثة من رواته. أول هذه الأسماء: عبيد "وكان عبيد هذا يصحب


١ النقائض: ١٠٤٩، والموشح: ١٠٦-١٠٧.
٢ النقائض: ٤٣٠.
٣ الأغاني ٩: ٢٢٤، والموشح: ١٥٠, ١٥١.
٤ الأغاني ٢: ٤١٢, ٤١٧، والموشح: ١٩٣، ١٩٥.
٥ الأغاني ٤: ٢٤١-٢٤٢.
٦ الموشح: ١٨٤.
٧ الموشح: ١٥٩.

<<  <   >  >>