للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شعراء معروفين، وهو محفوظ في دواوينهم١. ولكن بعضه الآخر موضوع منحول لا شك في وضعه ونحله، من مثل الشعر الذي نسبه إلى يعرب بن قطحان٢، وإلى عاد بن عوص٣، وإلى ثمود وأخيه جديس٤، وإلى عمليق وأخيه طسم٥، وإلى حفدة عمليق وجديس٦. ومن مثل الشعر الذي قيل في وفد عاد إلى مكة حينما ذهبوا يستسقون٧، وما قاله لقمان في نسوره السبعة٨. والأمثلة على ذلك كثيرة، وهو كله شعر غث بارد وضع وضعًا لتزيين هذه القصص والخرافات. ويبدو أن هذا الشعر كان يكسب تلك القصص شيئًا من القيمة في نفوس السامعين فيصبح موضع ثقتهم وتصديقهم، بل لقد كان معاوية -فيما يورد كتاب أخبار عبيد- يسأل عبيدًا: هل قيل في بعض تلك الأخبار والقصص شعر؟ ٩.

وإذا كان وضع الشعر ونحله في مثل هذه القصص والخرافات أمرًا لا غرابة فيه، فإن العجب أن تصبح هذه القصص وما قيل فيها من شعر منحول مادةً تاريخية تضمنها كتب السير والمغازي والتاريخ. ومن أجل ذلك تصدى الرواة العلماء لهذه الأشعار في الكتب التاريخية ونبهوا على زيفها ونحلها. فنحن نجد في كتاب السيرة لابن إسحاق كثيرًا من هذا الشعر المنحول الموضوع -على كثرة ما فيه أيضًا من الشعر الصحيح الثابت عند العلماء والرواة- فاستدركه عليه ابن


١ مثل العباس بن مرداس، وأعشى بني وائل، وحسان بن ثابت، وأمية بن أبي الصلت، وامرئ القيس، وعبيد بن الأبرص، والنابغة الذبياني، انظر لذلك: حسين نصار. نشأة التدوين التاريخي ص١٩.
٢ أخبار عبيد ص٣١٦.
٣ ص٣١٧.
٤ ص٣١٨.
٥ ص٣١٨-٣١٩.
٦ ص٣٢٠.
٧ ص٣٤١-٣٥٣.
٨ ص٣٥٦-٣٦٦.
٩ انظر مثلًا ص٣٢٧، ص٣٣٥.

<<  <   >  >>