للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أخرى تدعى Epigoni ولكن حديثه عنها مقتضب غير قاطع١. وأما قيمة ثوسيديد ففي أنه قدم لنا في تاريخه أمثلة على نوع من تفسير شعر هومر يحوِّل العنصر القصصي إلى حقائق تاريخية واضحة، وذلك حينما فسر ذهاب اليونانيين إلى طراودة، فهو يرى أن رؤساء اليونان لم يذهبوا إلى طروادة لأنهم وعدوا والد هيلانة أن ينتقموا لها. ولكنهم ذهبوا لأن قوة أجا ممنون ساقتهم واضطرتهم إلى ذلك. وقد نمى كالسثين Callisthenes "في نحو سنة ٣٣٠ق. م" هذه الطريقة في التفسير تنمية كاملة، وخص، في كتابه تاريخ اليونان، الحرب الطروادية بكتاب مستقل. ويظهر هذا الاتجاه في مواطن متعددة من تواريخ المتأخرين التالين مثل: بوليبيوس polybius، وديودور Diodorus، وسترابو Strabo، وباوزان٢ pausanius.

٤- الرواة المنشدون: وآخر هذه الطوائف، وربما أقدمها عهدًا، هم الرواة المنشدون، الذين كانوا يروون شعر هومر وينشدونه وهم ينتقلون بين البلاد المختلفة. ويصف لنا أفلاطون في إحدى محاوراته على لسان سقراط "هي: lon" أحد هؤلاء الرواة المتجولين واسمه إيون -وكان يعيش في النصف الأول من القرن الرابع قبل الميلاد. ويذكر أفلاطون أن إيون كان يشرح شعر هومر ويفسره، وأن بعض المنشدين المتنافسين كانوا ينشدون ولاء: يبدأ أحدهم من حيث انتهى الآخر. ويرى الدكتور جب٣ أنه لا بد إذن من أن تعقيبات إيون وشروحه كانت تُلقى مفصولة عن إنشاده، أو أنها كانت متصلة بالقطع التي كان هو يقوم بإنشادها حسب. ويتضح من محاورة أفلاطون أن شروح إيون وتعقيباته على هومر كانت تتخذ مظهر المعرض البلاغي الأدبي المتصل، وكان إيون يفخر بطلاقته وبثروة "آرائه عن هومر" كما يعبر إيون نفسه.


١ جب، هومر: ٨٥؛ وألان، هومر: ٧٠.
٢ جب، هومر: ٩٠.
٣ المرجع السابق: ٨٠.

<<  <   >  >>