للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤- حتى إذا اطمأن إلى أنه قد فند ما ذهب إليه أكثر القدامى من أن الشعر الجاهلي قد حفظ لنا بالرواية الشفهية، قال: "فلم يبق إلا الاحتمال الثاني وهو: أن هذه القصائد حُفظت بالكتابة". ثم يعرض راويات قليلة تشير إلى أن بعض الشعر الجاهلي كان يُكتب١، ويستنتج من ذلك أنه "ربما لا يوجد ما يتعارض مع ما تصرح به هذه القصائد إذا تخيلنا أنها كانت تذيع وتنتشر عن طريق الكتابة٢". ولكنه لا يلبث أن يخضع لما يسيطر عيه من نزعة الشك فيحاول أن ينفي كتابة الشعر الجاهلي من وجهين، الأول: ما يصرح به القرآن نفسه "فإن وجود أدب فصيح قبل الإسلام بلغة القرآن وبالكتابة الحميرية، أو بأي خط آخر، لأمر يبدو مناقضًا كل التناقض لصريح ألفاظ القرآن ولأحكامه التي يقررها بحيث لا يصح أن يوضع هذا الأمر موضع النظر؛ فالقرآن يسأل أهل مكة: {أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُون} ٣ ويسأل الكفار والمشركين: {أَمْ عِنْدَهُمْ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ} ٤ وأولئك الذي يخاطبهم القرآن لم ينزل على آبائهم نذير: {لِتُنذِرَ قَوْمًا مَا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ} ٥. و {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} ٦. {وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} ٧. ولم يكن لأحد كتب سماوية إلا لمجتمعين: المجتمع


١ ص٤٢٤-٤٢٥.
٢ ص٤٢٥.
٣ القلم: ٣٧.
٤ القلم: ٤٧.
٥ يس: ٦.
٦ السجدة: ٣.
٧ القصص: ٤٦.

<<  <   >  >>